شهد الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية حادث تصادم مروع راح ضحيته 18 فتاة وسائق الميكروباص، وأصيبت ثلاث أخريات، إثر دهس سيارة نقل “تريلا” لهم أثناء توجههم للعمل بإحدى المزارع.. وقد فارق الضحايا الحياة على الفور في حادث مأساوي، وصفه شهود عيان بـ”جنون السرعة” و”الاستهتار”.. تم نقل جثامين الضحايا إلى عدة مستشفيات، فيما تم القبض على سائق سيارة النقل المتهم، وتولت النيابة العامة التحقيق في الواقعة.

جنون السرعة
الضحايا في هذا الحادث البشع لقوا حتفهن بلا ذنب، نتيجة للتهور والاستهتار من قائدي مركبات النقل وغيرهم، ممن قد يتعاطون المواد المخدرة ويستعرضون القوة على الطريق دون الالتزام بآداب المرور ومراعاة أرواح الآخرين.. يدفع الأبرياء حياتهم ثمنًا لهذه الممارسات ظلمًا وعدوانًا، وهو ما يتكرر يوميًا في كوارث مرعبة. هذا الوضع يستوجب ضرورة تكثيف التواجد الأمني والرقابة المشددة، وتطبيق عقوبات صارمة للحد من ظاهرة “نزيف الأسفلت” الذي يحصد سنويًا أرواح الآلاف من المواطنين، منهم عائلات بأكملها.
تفاصيل المأساة
وقعت المأساة صباحًا عندما كانت مجموعة من الفتيات العاملات بإحدى المزارع في طريقهن للعمل، وأثناء سير الميكروباص على الطريق الإقليمي بدائرة مركز أشمون، فوجئ السائق بسيارة نقل ثقيل “تريلا” تنحرف نحوه بجنون وتصعد فوق سيارة الضحايا، “لتفرمها” تمامًا وتحولها إلى كتلة من الصاج الخردة، وسط صرخات العاملات “الغلابة” اللاتي انتهت حياتهن بهذا الشكل البشع بلا ذنب. توقفت حركة الطريق تمامًا من هول المشهد ونزيف الدماء الذي غطى الأسفلت، مما أدى إلى تجمع المارة وأهالي المنطقة، الذين أطلقوا استغاثات مدوية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتغطية الجثث الملقاة على جانب الطريق.
استخراج الضحايا
فور وقوع الحادث، تم إبلاغ شرطة النجدة، وانتقل على الفور إلى مكان البلاغ العميد محمد أبو العزم، مأمور مركز أشمون، وقوة من الضباط ورجال المرور، وأكثر من عشر سيارات إسعاف لاحتواء الموقف والسيطرة عليه بعد حالة الارتباك المروري التي أدت إلى شلل تام وتزاحم من المواطنين الذين كانوا في حالة حزن شديد من هول الصدمة. تسابق الجميع في تلك اللحظة وبدون تردد لمساعدة القوات في استخراج الضحايا والمصابين من داخل الميكروباص المنكوب، والذي تحطم ولم يبق منه شيء. خرجت الأجساد ممزقة وملطخة بالدماء، وتم نقلها إلى المستشفيات المجاورة.
صرخات الأهل
في نفس الوقت، تم القبض على السائق المتهم المتسبب في تلك الكارثة. ويجري استجوابه وفحصه لمعرفة سبب وقوع الحادث، وبيان ما إذا كان طبيعيًا وفي حالة اتزان وملتزمًا بأصول القيادة وقت الحادث من عدمه، وهو ما ستكشفه التحقيقات. بذلت الأجهزة الأمنية جهودًا مكثفة للتعرف على الضحايا لعدم وجود بطاقات تحقيق شخصية مع البعض منهن لصغر أعمارهن. وتم التحفظ على الجثث في ثلاجة حفظ الموتى، وتهدئة ذويهم الذين توافدوا من كل مكان في حالة صراخ وانهيار شديد للتعرف عليهن، والدفن فى جنازة جماعية مهيبة حضرها آلاف من الأهالي.
معاينة النيابة
تبين للواء محمود الكموني، مدير أمن المحافظة، واللواء أحمد خيري، مدير المباحث، أن الضحايا من الفتيات البسطاء من قرية “السنابسة” بمركز منوف ويعملن باليومية لمساعدة الأهل. كن في طريقهن صباحًا بحثًا عن الرزق الحلال بـ”ميكروباص الوردية” الذي اعتدن التنقل به “ذهابًا وإيابًا”، إلى أن دهستهن “التريلا الطائشة” التي قضت على حياتهن وأحلامهن في غمضة عين.
قامت النيابة بمعاينة موقع الحادث وجثث الضحايا المتزايدة بعد وفاة بعض المصابين داخل المستشفيات. وقررت انتداب مفتش الصحة للكشف عليهن قبل التصريح بالدفن وتسليمهن لذويهن، بالإضافة إلى سائق الميكروباص الذي انتهت حياته هو الآخر.

توجيهات المحافظ ودعم «العمل والتضامن»
تابع اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، الحادث ووجه برفع درجة الاستعداد والطوارئ في بلدة الضحايا بمركز منوف، لمشاركة الأهل أحزانهم ولحين الانتهاء من الأزمة. معربًا عن خالص تعازيه لجميع أهالي المحافظة الذين خطفهم الموت، مشيرًا إلى أنهم “شهداء لقمة العيش”. وطالب رؤساء المدن بالتوجه فورًا إلى المستشفيات لمتابعة إنهاء الإجراءات، ونقل الجثث بسيارات الإسعاف إلى البلدة بعد التعرف عليها وتسليمها لذويهم، وتقديم الدعم الكامل لأسرهم لحين انتهاء مراسم الدفن الجماعي.
فيما قرر محمد جبران، وزير العمل، سرعة صرف تعويضات للضحايا تصل إلى 200 ألف جنيه لأسرة كل متوفى، و20 ألف جنيه للمصاب.
كما وجهت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بسرعة تشكيل لجنة مع الجهات المعنية لصرف تعويضات أخرى، في محاولة للتخفيف من آثار الأزمة ومساعدة الأسر على تجاوزها بسلام.

وزير الأوقاف ينعى الضحايا
هذا وقد نعى الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ببالغ الحزن والأسى ضحايا حادث التصادم الأليم الذي وقع على الطريق الإقليمي، وأسفر عن عدد من الوفيات والمصابين.
ويتقدّم الوزير باسمه، ونيابة عن جميع أبناء الأوقاف، بخالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا، سائلاً الله تعالى أن يرحم المتوفين رحمة واسعة، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يرزق المصابين الشفاء العاجل.
وفي هذا السياق، يؤكد الوزير أن الوعي المروري والالتزام بقواعد المرور من صميم مقاصد الشرع الحنيف؛ لما فيه من حفظ الأنفس التي كرمها الله تعالى، وأن الإهمال أو الاستهتار أو السير عكس الاتجاه؛ يمثل اعتداءً على حق الآخرين في الحياة، مؤكدًا أن من فرّط في الحفاظ على أرواح الناس فقد خالف تعاليم الدين قبل مخالفة القانون، حتى وإن لم تسفر المخالفة عن أي ضرر؛ منبّهًا أن استمراء المخالفة استخفاف بما أمر الله به أن يُحفَظ ويُكرَم ويُطاع.
أسماء الضحايا
تمكن رجال المباحث من تحديد الضحايا بعد نقلهم إلى عدة مستشفيات بمحافظة المنوفية (قويسنا، الباجور، أشمون، وسرس الليان). وتبين أنهم:
- شروق خالد أبو المجد (20 سنة)
- هدير عبد الباسط هليل (21 سنة)
- شيماء محمود (21 سنة)
- تقى أحمد الجوهري (20 سنة)
- جنى فوزي مبروك (19 سنة)
- هنا مشرف علام (14 سنة)
- مروة أشرف (19 سنة)
- آية زغلول مصطفى (21 سنة)
- ميادة فتحي (17 سنة)
- شيماء يحيى فوزي (16 سنة)
- ملك فوزي (18 سنة)
- سمر خالد مصطفى (18 سنة)
- إسراء عبد الوهاب (18 سنة)
- سارة محمد (14 سنة)
- رويدا خالد إبراهيم
- شيماء يحيى فوزي (17 سنة)
- أسماء خالد مصطفى قنديل (17 سنة)
- شيماء رمضان عبد الحميد (23 عامًا)
جميعهم من قرية “كفر السنابسة” التابعة لمركز منوف.
بالإضافة إلى سائق الميكروباص، أدهم محمد أنس (22 سنة)، من قرية طملاي.
بخلاف 3 من المصابات بكسور شديدة، وهن: إسراء محمد الشعلي (35 سنة)، آيات زغلول قنديل (17 سنة)، وحبيبة محمد الجيوشي (17 سنة).
تحرر محضر بالواقعة، وقررت النيابة حبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات، مع مراعاة التجديد له في الميعاد لحين إحالته للمحاكمة.










