«قلب أمريكا يحترق، بهجوم الضدين.. الثلج والنار».. منذ أن تم إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا، وعودته للبيت الأبيض، كانت بداية القصيدة كفراً بتصريحات يستعرض فيها العضلات الأمريكية، وفى المقدمة تكرار التهديد والوعيد أربع مرات، بأن الجحيم سيندلع فى الشرق الأوسط، إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين فى غزة قبل يوم تنصيبه فى العشرين من يناير.
وبعد 24 ساعة فقط من التصريح «الجحيمي»، هجم الضدان «الثلج والنار» على أكبر البلدان، واندلعت حرائق غير مسبوقة فى كاليفورنيا، أدت إلى تدمير آلاف الأفدنة والمنازل ومساحات واسعة من الولاية، وامتدت وازدادت قوة بسبب الطقس السيئ والرياح، فى لوس أنجلوس، والمصائب لا تأتى فرادي، فقداحترق حى كامل فى نيويورك، واشتعل قلب أمريكا.
ولم تستطع الإمكانات الأمريكية، أن تتصدى للنيران، التى خرجت عن نطاق السيطرة، وأدت إلى أضرار يصعب حصرها أو تقدير الخسائر التى من المتوقع أن تصل إلى أكثر من 200 مليار دولار، بجانب عشرات الوفيات، فى واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية فى تاريخ الولايات المتحدة، وقال قائد شرطة لوس أنجلوس إن «الأمر يبدو وكأن قنبلة ذرية سقطت على هذه المناطق.
والتهمت النيران منازل نجوم السينما والمشاهير، وأتت على أفخم القصور فى العالم، ومعالم فى هوليوود، مع شح المياه العذبة التى تستخدم فى الإطفاء، إذ لا يتم استخدام المياه المالحة لأنها تؤدى إلى تآكل معدات الإطفاء المعدنية، وتضر بالغطاء النباتى لسنوات، كما يقلل الملح من تأثير التبريد.
والغرب غالبا يطلق على مثل هذه الأحداث، «غضب الطبيعة»، لكن نحن نقول إنها من أمر الله، فلا شيء يتحرك من نفسه كما يعتقد الغرب، فهذه النيران والرياح من جند الله،» ـوما يعلم جنود ربك إلا هو»، ولا أظن أن الأمريكان سيرتدعون أو يتعظون، بل ستأخذهم العزة بالإثم ويتمادون فى غيهم وطغيانهم، لكن لنتذكر قول الله تعالي: « فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً، وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ».
على أى حال لم تكن تصريحات ترامب مفاجئة، فهو معروف بميله كل الميل نحو الصهاينة، وشأنه شأن كل الإدارات الأمريكية، تنصر إسرائيل المعتدية الظالمة على الفلسطينيين العزل، وفى الوقت الذى يتجمد فيه أطفال غزة حتى الموت، حسب تصريح مفوض الأمم المتحدة فيليب لازاريني، وإسرائيل ترفض إدخال الإمدادات لمواجهة الشتاء، وفيما يقترب عدد الشهداء من الخمسين ألفا والمصابين والمرضى بعشرات الآلاف، يخرج منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض جون كيربى ليكرر أن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية فى غزة.
ويزيد النتن ياهو من تعنته فى مفاوضات الهدنة، ويماطل إلى أن يعتلى ترامب رسميا سدة الحكم ليستفيد من وعده بإشعال الشرق الأوسط جحيما.
ويستغل الجيش الإسرائيلى الهرج والمرج والفوضى فى سوريا، ويسيطر على المرتفعات الإستراتيجية بمنطقة «التلول الحمر»، وإعلانها منطقة عسكرية، بل كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن اجتماع سرى بمجلس الوزراء، انتهى باقتراح عقد مؤتمر دولى لتقسيم سوريا لمقاطعات، وأن إسرائيل لا تنوى مغادرة المناطق التى استولت عليها.
ولم تقتصر زوابع ترامب على الجحيم، وامتدت بمطالبات استفزازية بضم كندا إلى بلاده، وعرض خريطة بذلك، وهدد بضم جرينلاند التابعة للدنمارك والتى تتمتع بأهمية جيواستراتيجية لواشنطن والغنية بالموارد الطبيعية، وكذلك ضم قناة بنما، حتى لا تدفع أمريكا رسوما عن المرور فيها، ولم يستبعد ترامب استخدام القوة العسكرية للقيام بذلك، كما أعلن نيته تغيير اسم خليج المكسيك المعترف به دوليا إلى خليج أميركا، بجانب أن ترامب أعلن مبكرا الحرب التجارية ضد الصين، وهاجم الاتحاد الأوروبي، بما يهدد بتفكيك حلف الناتو.
صحيح أن هذه معطيات، لكن لا مجال للتكهنات، فكل شيء قابل للتغير فى لمح البصر، لننتظر ونري، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ».