هل الغباء مرض أم سلوك وهل هو مكتسب أم فطري؟ وهل هو قابل للعلاج او التغيير؟ هذه الأسئلة وإجابتها تقودنا الى بحث عميق حول الغباء والاغبياء وتكلفة الممارسات والسلوكيات الغبية على اى مجتمع، لكن ايضاً هناك من يقول بأن كثيرا من الاختراعات التى افادت البشرية وكذلك العديد من الحروب والصراعات كانت وليدة الصدفة وليس العبقرية ، الفنان الهولندى بروخل الأكبر، يقول «حتى لو ذهب الحمار إلى المدرسة للتعلم فإنه لن يعود حصانًا» ويقول الروائى بول فاكا -مؤلف كتاب «مزايا الغباء» «الغباء مفهوم صعب التعريف ينبغى التعامل معه بحذر، ويجب أن تكون ساخرا أو أن تتمتع بنظرة مختلفة حتى تجرؤ على الدفاع علنا عن الغباء فلا يمكن أن نتجاهل أنه يسبب الأذى ويحط من القيمة.. باختصار لا يمكن الدفاع عن الغباء فى حد ذاته، الغباء هو الوجه الخفى للعبقرية البشرية، والمصدر السرى للإبداع، وهو ما يساعدنا على التفكير بشكل مختلف خارج الصندوق. ولولا بعض الغباء، ما كان لدينا عظماء مثل بيكاسو أو شكسبير أو ستيف جوبز أو آينشتاين» وصف والتر بى بيتكين الغباء بأنه «شر»، بينما يعتقد ويليام بليك بطريقة أكثر رومانسية أن الغباء هو أساس الحكمة.
والغباء من أهم صفاته اللاعقلانية لأنه يدل على العجز أو أن الفرد غير قادر على فهم المعلومات بشكل صحيح، يقول الكاتب جيمس ويلز فى كتابه فهم الغباء ان الغبى غير قادر على التكيف ويتصرف بطريقة تمنعه من فهم ما يدور حوله من الحقائق الجديدة، والمتغيرات الحاصلة فالغباء إذن هو سلوك يهزم صاحبه فلا يكتسب أى فائدة من خلال التصرف بطريقة غبية، والغباء أنواع فهناك الغباء التكتيكى والوقائى والفكرى والعاطفى والخلقى ، بيد أن ما قرأته من روائع تتحدث عن الغباء تعريفا واصطلاحا ومعنى وأثرا فى الماضى لا يشبع غريزتى المعرفية والتى تخرج غالبا من بين ثنايا المشاهدات المعاشة الآن، فالأغبياء يتعاملون مع الآخرين بتعال وتكبر وغرور وثقة ! وآه من ثقة الأغبياء فى أنفسهم، فالغبى تجلس أمامه لا تعرف إن كان سعيدا أم حزينا، راضيا أم ساخطا، معك أم ضدك، يحبك أم يكرهك، الغريب أنه هو نفسه لا يعرف شعوره تجاهك وتجاه ما يجري، الغبى لا يحب البحث ولا التفكير ولا يطيق الحوار، إنه يحب التسطيح والضحالة، اذا حاولت أن تلفت نظره الى مسألة ما نظر اليك من طرف خفى ساخرا من خطيئتك فى حق الواثق الغبي، ما إن تشكره على صنيع لم يصنعه مجاملة له او تأليفًا لقلبه الا وتجده يحاول أن يعبث فى مفاصل عقلك ويجعلك نادما على ما اقترفت يداك، لكن الحقيقة أننا نتحدث عن الغباء ومعتنقيه وأصحابه دون أن نفكر فى الاجابة على السؤال الأهم وهو كيف نتعامل مع المواقف الغبية لهؤلاء؟ ليست هناك مدونة سلوك واضحة متفق عليها للتعامل مع الأغبياء حتى الآن، لكن علينا الا ننسى أن هناك من الأغبياء من يصنعون التاريخ، فصناع التاريخ أكثرهم من الأغبياء لذلك وجب علينا البحث والتدقيق فى كيفية فهم غباء الاغبياء فنحن فى حاجة ماسة لكود الحماقة.