نهتم كثيرا بتحديث جميع برامجنا وتطبيقاتنا على الهواتف المحمولة أو أجهزة الحاسوب المتقدمة، تسمع من يسأل عن آخر نسخة سوفت وير للهاتف المعزز بخواص الذكاء الاصطناعى على سبيل المثال، ونجد آخر يسأل عن الثغرات التى تم اكتشافها من خلال أطقم الأبحاث فى احد تطبيقات التواصل الاجتماعي، نهتم جميعنا بأن تكون هواتفنا محدثة بالتطبيقات ومشحونة بالطاقات، وهذا كله مهم وضرورى ونفعله جميعا فى كل الأوقات، ما داعانى للتفكير حول هذا الموضوع كان سؤال ملح من أحد اصدقائى حول نوع التطبيق الذى يعمل عليه الهاتف الجوال الذى أحمله! ثم تكرار السؤال حول السوفت وير ومدى استدامة تحديثاته!
>>>
وامتد الحديث عن تفاصيل دقيقة فى ضرورة الاستعداد لمستجدات المخترعات التكنولوجية الحديثة التى ستصل بنا إلى مناطق صعبة مستقبلا، فكرت وتساءلت لماذا كل هذا الاهتمام بهذه الأمور من شخص أو أشخاص ليسوا متخصصين أو مختصين فى أمور الاتصالات والتكنولوجيا؟ ما سر هذا الشغف لمعرفة كل هذه التفاصيل؟ وسألت نفسى ماذا لو حرص كل منا على تحديث تطبيقات نفسه وعقله وحواسه أولاً؟ بيد أن العقل يحتاج تطويرا وتحديثا وهذا لن يتأتى بضغطة ذر وإنما بتراكم المعرفة والثقافة والقراءة والتأمل والتفكير والشك والوصول إلى مناطق جديدة فى عالم المعرفة، كما أن الوجدان يحتاج إعادة شحن مثلما تحرص على شاحن الهاتف وشحن البطاريات اولاً بأول يجب ان تكون أشد حرصا على شحن بطاريات قلبك بالمشاعر النبيلة، مشاعر الحب والتفاؤل والتسامح وصولا إلى حالة التسامي.
>>>
الجسم والحواس جميعها تحتاج اهتماما وتدليلا بالرياضة والمتابعة والتحديث كذلك، اكتشفت أننا ربما كان اهتمامنا بالهواتف أكثر من اهتمامنا بأنفسنا، نقضى مع الهاتف وتطبيقاته أضعاف ما نقضيه مع أسرنا وبالتالى لا وقت لدينا للتأمل والجلوس امام أنفسنا للمراجعة والتصحيح، الهاتف سرقنا من انفسنا وتلاعب بنا وصار متحكما فى سلوكياتنا ومعنوياتنا، صرنا كذلك نحرص على تحديث تطبيقاته اولاً بأول أكثر من اهتمامنا بإجراء تحليلات طبية دورية للاطمئنان على انفسنا وصحتنا، انقلبت آيات الاهتمام وصارت الأمور تدار بعشوائية شديدة، لذلك علينا ان نعيد حساباتنا فورا ونمنح من يستحق ما يستحقه ونتذكر أننا مطالبون بإدارة دولة انفسنا اولاً قبل ان نتحدث عن ادارة الدولة.
>>>
فكما قال الأديب محمود تيمور أنت فى نفسك دولة وما رأسك إلا ديوان الحكم، فيه تلتقى شتى الوزارات، والفارق بينك وبين حكومات الأمم أن مجلس الوزراء فيها غير وطيد الدعائم فإنه لتعصف به الريح بين عشية وضحاها طوعا لتقلبات السياسة وطوارئ الأحداث.. على الحين أن مجلس وزرائك دائم وثيق ولد معك وسيلازمك ما حييت.