تطوير شامل للبنية اللوجستية للاقتصاد المصرى
1000 شركة من القطاع الخاص تشارك فى مشروعات وطنية
أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أن فعاليات القمة العالمية للحكومات تنعقد هذا العام وسط ظرفٍ عالميٍ دقيقٍ، فى ظل ما يشهده الاقتصاد العالمى من أزمات متلاحقة وتطورات جيوسياسية مؤثرة ذات انعكاساتٍ تطال جميع الدول، من أهمها ما شهده العالم من نوباتٍ تضخميةٍ واسعة النطاق، استلزمت تغييراتٍ فى أولويات السياسات الاقتصادية، وعلى رأسها السياسة النقدية؛ باتجاه رفع متلاحق لأسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وهو ما نتج عنه تداعيات غير مواتية على النمو الاقتصادى وتمويل التنمية فى العديد من الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة.
جاء ذلك فى كلمة رئيس الوزراء أمس خلال فعاليات «القمة العالمية للحكومات 2024» المنعقدة بمدينة بدبى بالإمارات وسط حضور مؤثر لعدد من رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الوفود المشاركة، وكبار المسئولين، والخبراء العالميين.
قال مدبولى إنه فى ظل هذا الظرف الدقيق تتجسد أهمية «القمة العالمية للحكومات» التى تنعقد هذا العام تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل» بهدف التحديد الدقيق لطبيعة التحديات التى تواجه «حكومات اليوم»، والتفكير المُلهم فى آليات مواجهة تلك التحديات، ومن ثم التحرك نحو دورٍ أعمق وأشمل وأكثر كفاءة لـ «حكومات المستقبل».
أضاف أن حكومات اليوم تواجه العديد من التحديات والتهديدات القائمة للأدوار التقليدية للحكومات، ولعل على رأسها الانعكاسات الاقتصادية للأزمات العالمية المتعاقبة والمركبة والتى أدت إلى موجات تضخمية تعتبر الأعلى على مدار عقود سابقة، إلى جانب تراجع ملموس لوتيرة نمو الاقتصاد العالمى والتى من المتوقع أن تبقى خلال العامين الجارى والمقبل فى أدنى من مستوياتها التاريخية المسجلة خلال الفترة من 2000 – 2019 وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة كذلك إلى تشديد السياسات المالية، فيما نتج عن تصاعد التوترات الجيوسياسية تراجع مستويات التعاون الدولي، وانحسار موجات العولمة فى العديد من المجالات، وتشتت وتجزؤ الاقتصاد العالمي، قُدرت كُلفتها بما قد يصل إلى ٧٪ من الناتج الإجمالى العالمي.
أوضح أن كل تلك التطورات كان لها تأثيرات متصاعدة على تمويل النمو والتنمية الاقتصادية فى البلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة التى واجهت تحديات غير مسبوقة تمثلت فى ارتفاع ملموس لتكلفة التمويل، وضغوطات على عملاتها المحلية، وتراجع عائداتها من النقد الأجنبي، كما أثرت على قدرة تلك البلدان على تمويل أهداف التنمية المستدامة فى ظل فجوة الاستثمارات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف والتى قُدرت بنحو 4 تريليونات دولار من بينها تريليونا دولار للتحول نحو الطاقة المتجددة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، علاوة على التهديدات القائمة نتيجة التحولات التى ستشهدها أسواق العمل فى هذه البلدان جراء تسارع وتيرة نمو تقنيات الثورات الصناعية، حيث يتوقع أن تتأثر ما بين 25-40 ٪ من الوظائف بانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
أكد مدبولى أن الدولة المصرية حرصت – فى ظل هذه التحديات غير المسبوقة – وبدعم من قيادتها السياسية الرشيدة على تبنى مختلف السياسات اللازمة لمواجهة التحديات السابق الإشارة إليها، كما واصلت مسيرتها نحو تبنى العديد من الإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو والتشغيل وعلى رأسها المزيد من تشجيع القطاع الخاص، والتى تُوجت بإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الناتج والتشغيل والاستثمارات والتصدير، الأمر الذى مكن الاقتصاد المصرى من الصمود أمام الأزمات المُركبة التى شهدها الاقتصاد العالمي، وأسهم فى مجمله فى تعزيز مستويات أداء الاقتصاد المصري؛ والذى أظهر خلال السنوات الأربع الماضية قدرة كبيرةً فى مواجهة تلك الأزمات، ليُصنَّف من بين عددٍ قليل من اقتصادات دول العالم التى شهدت زيادةً ملموسة فى مستويات الناتج المحلى الإجمالى وسط هذه الأجواء، بل وسجَّل فى المقابل معدلات نمو بلغت فى المتوسط 4.3 ٪ خلال الفترة (2020-2023).
تابع أن مصر لم تغفل فى سياق مسيرتها نحو التعزيز المتواصل لمعدلات الأداء الاقتصادى السعى لبلوغ أهداف التنمية المستدامة 2030، وهو ما عكسه إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة «مصر 2030»، وجهود الدولة فى هذا المجال من خلال إطلاق العديد من المبادرات التنموية، على رأسها «مبادرة حياة كريمة: مجتمعات قروية مُسـتدامة» لافتاً إلى أنها تمثل أكبر مبادرة تنموية أطلقتها مصر وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة على منصتها الدولية من بين أفضل الممارسات الدولية المُعزِّزة لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، علاوة على ريادة الدولة المصرية عالميًّا لتوطين «النهج المكانى لأهداف التنمية المسـتدامة» من خلال تلك المبادرة التى تحقق سبعة أهداف مجتمعة من أهداف التنمية المستدامة.
أشار إلى أن الدولة عملت – فى سياق تطلعها إلى المستقبل – على صياغة أولوياتها وتوجهاتها الاستراتيجية خلال الفترة (2024-2030)، والتى تستهدف من خلالها تحقيق نمو اقتصادى قوى وشامل ومستدام ومتوازن، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادى من خلال تعزيز مساهمة كل من الاستثمارات والصادرات فى هيكل الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 50٪، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادى داعمة للتشغيل؛ لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.
أكد أن الدولة تضع نصب أعينها التركيز على دعم قطاعات اقتصادية دافعة للنمو الاقتصادى خاصة فى مجالات البنية الأساسية بما يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لافتاً إلى أن تلك الجهود أسفرت مؤخراً عن تقدم مصر فى العديد من المؤشرات الدولية ذات الصلة ومن بينها – على سبيل المثال – تقدمها فى مؤشر جودة الطرق بنحو مائة مرتبة، مضيفاً أن الدولة المصرية تستهدف أيضاً مواصلة جهود التطوير الشامل للبنية اللوجستية للاقتصاد المصري، علاوة على حرص الدولة المصرية فى هذا السياق على توسيع نطاق المشاركة بين القطاعين الحكومى والخاص فى الجهود المستقبلية لتنمية البنية التحتية من خلال تطوير نماذج شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص، حيث يوجد حاليًّا أكثر من 1000 شركة من شركات القطاع الخاص تشارك فى مشروعات وطنية عملاقة تسهم فى تعزيز جهود تنمية البنية التحتية فى مصر والتى نجحت خلال الفترة الماضية فى إيجاد 5 ملايين فرصة عمل.
أضاف أن الدولة المصرية تهتم أيضاً بوجه خاص بتطوير البنية التحتية لمدن الجيل الرابع بهدف الارتقاء بمستويات التطوير العمراني، وتوفير أفضل مستويات للبنية الأساسية والتكنولوجية.
واستطرد رئيس الوزراء: «إضافة إلى ما سبق، يتم بذل جهود غير مسبوقة لتحفيز مستويات أداء عدد من القطاعات الاقتصادية الداعمة لمرونة الاقتصاد المصري، وعلى رأسها قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف رفع مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 50 ٪ فى عام 2030 مقارنة بما يتراوح بين 30 إلى 35 ٪ حالياً».
أشار إلى أن الدولة تسعى إلى المزيد من تحفيز وتعميق التصنيع المحلي، ورفع نسبة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 20 ٪ خلال عام 2030، وذلك من خلال مواصلة العديد من التدابير التى تم تبنيها مؤخراً لتشجيع الاستثمار الصناعى عبر تسهيل عمليات منح الأراضى الصناعية، وتبسيط إجراءات الحصول على الموافقات والتراخيص، والبدء فى توطين (152) فرصة استثمارية صناعية، بما يسهم فى تعميق الصناعة المحلية، لافتاً إلى أن مصر تستهدف كذلك – وفى سياق استراتيجية الذكاء الاصطناعى 2030 – زيادة نسبة مساهمة تلك التقنيات لتسهم بنحو 8 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى من خلال دعم القدرات البشرية المتخصصة، وتوفير الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المواتية، وتنمية الشراكات الإقليمية والدولية الداعمة.