رغم كل التحديات المحلية والإقليمية والدولية، فإن الجمهورية المصرية الجديدة تمضى بقوة وثبات فى طريقها.. وتخطو بأعلى درجات الثقة نحو غاياتها المنشودة.. سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً.. «ولو كره الكارهون».
ربما أتوقف اليوم أمام شواهد مصرية حقيقية تجسدت وتتجسد على أرض الواقع تشير جميعها بما لا يدع مجالاً لأى شك أن مصر قادرة على تخطى كل العقبات والصعاب، وأنها فى كل يوم تخطو بخطوات واثقة، صناعية وزراعية وتكنولوجية نحو الاكتفاء الذاتى وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستيراد، والاعتماد الكامل على الذات المصرية والإنسان المصرى والثروات المصرية، تطلعاً إلى ما تستحقه مصر من مكان ومكانة «تحت الشمس».
ولا أغالى إذا قلت إن كثيراً من هذه الشواهد من استصلاح أراض جديدة وبناء محطات للمياه المعالجة وإنشاء الصناعات الزراعية المختلفة، إنما نحقق سبقاً عالمياً ومكانة أولى وفريدة فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا.. ليس هذا بشهادتنا فقط، بل تشهد بذلك كبرى المؤسسات الأممية والمستقلة.
بداية، أتوقف أمام إنجاز عملاق وصفه الخبراء بأنه عمل هندسى يوازى ٣ أضعاف السد العالى، بل إنه يختصر الزمن من 10 سنوات إلى ٣ سنوات فقط، قوامه أرض جديدة تضاف إلى مساحة مصر الزراعية ومناطق للحياة تزيد فى استيعابها على ٤ أو ٥ محافظات مصرية كاملة.
أتوقف أمام العمل الأضخم فى تاريخ مصر الزراعى، والمقصود هنا الدلتا الجديدة التى تضيف لمصر ما يزيد على 2.2 مليون فدان أرضاً مصرية جديدة تساعد فى تقليل الفجوة الغذائية والأمن القومى الزراعى ويخلق الملايين من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
أتوقف أمام عمل هندسى عملاق لتوفير 7.5 مليون متر مكعب مياه، بعيداً عن حصة مصر ونيلها.. وكلها من مياه الصرف الزراعى من خلال محطة «الحمام» لمعالجة الصرف الزراعى وهى الأكبر من نوعها عالمياً على مساحة 150 فداناً، وما يلزمها من بناء 20 محطة رفع عملاقة لنقل المياه من الحمام إلى الأراضى المستهدفة تمتد مئات الكيــلو مترات تضــم 4 خطوط رئيسية يتجاوز طول بعض الخطوط 100 كيلو متر، يتم ضخ مياهها عبر مضخات يابانية عملاقة هى الأقوى عالمياً، ويجرى تسجيلها الآن بموسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، ناهيك عن «ترعة معلقة» بطول 20 كيلو مترًا مواسير عملاقة، بالإضافة إلى 94 كيلو متراً من المواسير المكشوفة تمتد جميعها فى «الدلتا الجديدة» من خلال 13 محطة رفع و81 منشأة هندسية ما بين سحارات وقناطر وكبارى وعدايات.
قال عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى إن هذا المشروع العملاق أحد أهم المشروعات للأمن القومى الغذائى.. مؤكداً أن اتجاه مصر لمصادرة المياه غير التقليدية كالمعالجة والتحلية خطوة إستراتيجية لحماية موارد الدولة من الاستنزاف دون الإضرار بحصة مصر من المياه.
>> مشروع عملاق آخر، يمتد فوق 181 ألف فدان فى صحراء غرب المنيا لإنتاج السكر من «البنجر».. إنه أكبر مصنع فى العالم لإنتاج سكر البنجر، يتكلف 1.1 مليار دولار، يحقق سنوياً إنتاج 900 ألف طن من السكر، ليصل إنتاج مصر من السكر إلى نحو 3.1 مليون طن هذا العام، ليقترب إنتاج مصر من استهلاكنا من السكر البالغ 3.3 مليون طن، بما يوفر العملة الصعبة.
المشروع العملاق فى صحراء غرب المنيا تشارك فيه الصين بالمعدات ونقل التكنولوجيا الزراعية والتقنيات الصناعية الحديثة المتقدمة، وتتولى التمويل دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مجموعة «الغرير»، فيما تقوم الدولة المصرية بتقديم الأرض اللازمة والإشراف على التنفيذ.. قال عنه السفير الصينى فى القاهرة «لياو لى تشيانج» إنه أحد أكبر وأهم مشروعات التعاون الزراعى والصناعى فى المنطقة، فى إطار مبادرة «الحزام والطريق»، ويجسد الشراكة الدولية البناءة.
>> وفى أغسطس المقبل يبدأ تجارياً إنتاج الألواح الخشبية من «جريد النخل» فى منطقة توشكى على مساحة 100 فدان بتكلفة نحو 70 مليون يورو، ينتج يومياً 400 متر مكعب من الخشب، اعتماداً على «مخلفات التمر» بالشراكة مع شركة ألمانية.. فيما أكدت المعامل الأوروبية انسجام المنتج الجديد مع المواصفات القياسية العالمية لهذا النوع من الأخشاب، وحقق لمصر استفادة كبرى.. فإن هذه المخلفات كانت تستخدم للحرق ومنها أنشئ أحد المصانع الأول من نوعه بالمنطقة.
>> وتحوّل مصر السحابة السوداء من قش الأرز بإدكو إلى دخل قومى من خلال أول مصنع فى إفريقيا والثانى عالمياً لإنتاج ألواح الخشب متوسط الكثافة من قش الأرز على مساحة 114 فداناً باستثمارات تتجاوز 351 مليون يورو، تنتج 205 آلاف متر مكعب سنوياً من الأخشاب بإدكو بالبحيرة، وكان هذا القش أحد المصادر الأكبر لتلوث القاهرة ووسط الدلتا من حرق القش.. إنه يتحول الآن إلى ثروة قومية مهمة من خلال مشروع تكنولوجى بيئى بالتعاون مع شركة ألمانية.