لم يخطئ من كانوا يتوقعون أن مخطط التهجير لم ينته أو يتوقف، بل متواصل، وفشلهم في تحقيقه مرة لا يمنعهم من تكرار المحاولات وتنويع الأساليب مرات، وتصريحات الرئيس الأمريكي ترامب الأخيرة أكبر دليل على أنهم يصرون على تحقيق الهدف، دون النظر إلى حقوق الشعب الفلسطيني أو استقرار المنطقة، فكل هذا ليس أولوية لديهم في مقابل تحقيق المصلحة الإسرائيلية، وتنفيذ مرحلة جديدة من التوسع الاستيطانى الذى لا يتوقف عند غزة أو الضفة وفلسطين كلها، بل يمتد لمساحات أكبر معلنة منذ عقود، تحت وهم وعد الرب.
وهنا يأتي الدور العربي والفلسطيني، والسؤال.. هل نحن قادرون على مواصلة التصدى للمخطط، هل نمتلك أدوات المواجهة الكافية.
الثوابت المصرية في هذا الاتجاه واضحة وستظل كما هي لن تتغير، لا تهجير للفلسطينيين ولا تصفية للقضية ولا حل على حساب أطراف اخرى ولا قبول للمساس بسيناء، هذه الثوابت المعلنة منذ أول يوم للحرب، وسواء تغيرت الظروف أو الإدارات الإسرائيلية أو الأمريكية فمصر ثابتة على موقفها، لأنها أولًا لا تغير ثوابتها وثانيا لأنها لن تسمح بأى محاولات لتصفية القضية ولا تقبل بأسلوب الأمر الواقع الذى يحاولون فرضه رغمًا عن شعوب المنطقة، يقينا ستزيد الضغوط أكثر، وستتعدد المحاولات لكن هذا ليس جديدا فخلال الـ15 شهرا الماضية تعرضت مصر لكل أنواع الإغراءات والضغوط أيضا من أجل أن تمرر هذا المخطط الذي وافق عليه البعض، لكن القيادة المصرية الوطنية المدعومة شعبيا كانت حاسمة في رفضها وقاطعة فى مبدأها الذى لا يقبل أي تأويل، بل يؤكد أن مصر لا تقبل مجرد النقاش حول هذه الأمور لأنها تمس الأمن القومى المصرى والعربي بشكل مباشر وتمثل اعتداء على السيادة الوطنية وهو ما لا تقبله.
وهذا الموقف الذي أعلنه صراحة الرئيس عبد الفتاح السيسى يحظى بتوافق شعبى كامل لأنه لا يوجد أى وطني يقبل مخطط بهذا الشكل تحت أي ظرف.
وقد توالت التأكيدات المصرية بل والفلسطينية أمس فيما يمكن وصفه بأنه انتفاضة وطنية كاملة تكشف لكل ذي عين أن ما تريده تل أبيب لن يحدث أيا كان الثمن.
فقد أكد المصريون والفلسطينيون سواء في بيانات رسمية أو عبر وسائل الإعلام والتواصل المختلفة على نقاط محددة تساند الموقف المصرى.
- الأول: أن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن أرضهم مهما كانت التحديات، فمن تحملوا حرب الإبادة لخمسة عشر شهرا لن يفرطوا في أرضهم ووطنهم.
- الثاني: أن مصر لن تسمح بأى شكل بتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير شعبها خارج بلدهم.
- الثالث: أن مصر لن تقبل أن تكون جزءا من تقويض أو إهدار حقوق الشعب الفلسطيني في دولته التي يقاتل من أجلها 77 عاما بدعم مصرى كامل.
- الرابع: كان تحذيرًا يجب أن تستمع إليه واشنطن لأن محاولات تنفيذ مخطط التصفية وسيناريوهات التهجير ستفتح أبواب الفوضى والصراعات وستزيد عدم الاستقرار بالمنطقة وهذا ليس في مصلحة أحد.
- الخامس: أن الأولى بالإدارة الأمريكية بدلا من محاولات التهجير أن تمارس دورا في تثبيت الهدنة وتحقيق السلام ومساعدة شعوب المنطقة على أن تعيش في أمان.
- السادس: أن انسحاب إسرائيل من فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حلم لن يدفن ولن يتم التفريط فيه ومصر تساند بكل ما تملك لهذا الحلم.
- السابع: أن إصرار ترامب على مثل هذه الأفكار سيزيد غضب الشعب المصرى ضده.
- الثامن: أن الصمت العالمي على الجرائم الإسرائيلية يؤكد أن المجتمع الدولى تخلى عن مسئولياته وفرط في ضميره وقبل أن يشاهد شعبا يتعرض لإبادة دون أن يحرك ساكنا وهو ما يتنافى مع قواعد الانسانية ومبادئ القانون الدولي بل ويمثل صنعة للنظام العالمي الذي أصبح في حاجة إلى مراجعة شاملة وربما تغيير.