لا يجب ان تمر اللحظة التى هبطت فيها طائرة الرئيس عبدالفتاح السيسى وضيفه الرئيس إيمانويل ماكرون على أرض شمال سيناء والجولة التى استغرقت ساعات فى العريش ورفح بالقرب من الحدود المصرية مع فلسطين فى قطاع غزة.. بل لابد من التوقف أمامها طويلاً وكثيراً بالدروس والفخر والاعتزاز.. فنحن أمام رئيسى مصر وفرنسا ومنطقة كانت قبل سنوات ساحة لحرب شرسة ضد الإرهاب حتى القضاء عليه بفضل بطولات وتضحيات جيش مصر العظيم وشرطتها الوطنية وإرادة قيادة سياسية لا تعرف المستحيل.. والحدث بالقرب من أكثر مناطق العالم توتراً ودموية حيث تعيث دولة الاحتلال الصهيونى إبادة وتدميراً وقتلاً فى الشعب الفلسطينى الأعزل.. سعياً لتنفيذ مخطط التهجير من خلال القضاء على كافة مقومات الحياة فى قطاع غزة حتى تحقق مصالح وأهداف المشروع الصهيونى وشركائه وحلفائه فى العالم والاقليم.
المشهد المهيب الذى يدعونا للفخر والثقة والاعتزاز هو ثمار إنجاز عظيم وتضحيات وبطولات فلم تكن الزيارة قاصرة على الرئيسين السيسى وماكرون بل فى حضور عشرات الآلاف من المصريين الذين تدفقوا إلى العريش ورفح المتاخمة للحدود مع قطاع غزة لإعلان رفضهم القاطع والحاسم لمخطط التهجير والإجرام ضد أشقائهم فى فلسطين.. وأيضاً دعماً وتأييداً واصطفافاً خلف القيادة السياسية التى تسجل كل يوم أمجاداً بحروف من نور فى سجلات هذا الوطن العظيم.
هذه الزيارة التى أراها تاريخية وفيها دروس عبقرية لجميع دول العالم والمنطقة حيث تجول الرئيسان بحرية فى العديد من المواقع وتفقدا الجرحى الفلسطينيين فى مستشفيات العريش ورفح وأيضاً مستودعات ومخازن وحافلات وشاحنات المساعدات الإنسانية التى تنتظر الدخول إلى قطاع غزة دون جدوى بسبب الإجرام والحصار الصهيونى للشعب الفلسطينى وقتل الأطفال والنساء والمدنيين قصفاً وجوعاً وحصاراً وتشريداً.. زيارة السيسى وماكرون لشمال سيناء فى العريش ورفح عنوان فاخر للمجد والقدرة المصرية على تحقيق الأهداف ونموذج للإرادة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية.. فسيناء باتت واحة الأمن والأمان والاستقرار والبناء والتنمية.. وها هما زعيمان كبيران لدولتين عظميتين هما مصر وفرنسا يتحركان وسط المصريين وحشود غفيرة من الشعب تجسيداً لنجاح مصر فى تطهير سيناء من الإرهاب وأيضاً إعلاناً لقدرة وثقة الدولة المصرية ومؤسساتها فى ردع كل من يحاول المساس بأرض مصر.
لكن هل جاءت هذه اللحظة صدفة؟ على الاطلاق.. ولكنها من ثمار وحصاد فريد للإنسان والمقاتل المصرى وقدرته الفائقة على العطاء والتضحية.. انها ثمار أرواح الشهداء ودماء طاهرة أنبتت الكرامة والعزة والشموخ والأمن والاستقرار والقوة والقدرة.. واستطيع ان أقول بعد توفيق ورعاية المولي- عز وجل ونصره- انه لولا تضحيات ودماء وعطاء الشهداء وبطولات جيش مصر العظيم ما كانت هذه اللحظة.. وهذه الرسائل العميقة والمعبرة عن قوة وقدرة الدولة المصرية.. لذلك إذا كانت مصر دولة تسعى للسلام وتبذل جهوداً كبيرة من أجله حتى تنعم كافة الشعوب بالأمن والاستقرار والرخاء.. فإنه إذا فرضت عليها الحرب فهى لها وأهلها وبقدر التسامح والسلام الذى نريده سيكون الدحر والردع وعدم الرحمة لمن يحاول ان يمس أراضينا وأمننا القومى.
لم تكن زيارة الزعيمين السيسى وماكرون قاصرة على رسائل ما تحظى به سيناء من أمن واستقرار واصطفاف المصريين خلف قيادتهم السياسية وترحيبهم بالصديق الفرنسى لوطنهم.. ولكن كانت مرآة أمام العالم لما تشهده سيناء من بناء وتنمية وتعمير غير مسبوق.. ليس هذا فحسب بل الموقف الفرنسى الواضح المطابق للموقف المصرى فى رفض التهجير وحتمية حل الدولتين حتى يتوقف الصراع فى المنطقة ويعم السلام.. فـ»ماكرون» يقول ان غزة ليست مشروعاً عقارياً وبها 2 مليون إنسان يحتاجون للانقاذ والمساعدات الإنسانية والوقف الفورى لآلة الحرب والقتل وأيضاً تثمينه لجهود مصر وقيادتها على كافة الأصعدة سواء فى السعى وبذل الجهود للوصول إلى السلام والأمن ووقف إطلاق النار أو على الصعيد الإنسانى ليفضح من على أرض الواقع حملات الأكاذيب والشائعات والتشويه فى موقف شريف وتاريخى ووحيد وليقطع ألسنة الإفك.
زيارة الرئيس الفرنسى لمصر على مدار ثلاثة أيام جاءت ثرية فى رسائلها وحصادها وثمارها وهى نموذج للزيارات الناجحة بامتياز على كافة المستويات والأصعدة وفى مختلف المجالات.. لكن الحصاد الأهم هو رسم صورة ذهنية فاخرة عن مصر وما تشهده من قوة وقدرة وثمار وحصاد أكبر عملية تنمية وأيضاً ما تنعم به من أمن وأمان واستقرار ومقاصد سياحية غزيرة عظيمة ودفء وكرم وحفاوة المصريين سواء فى مناطق مصرية أصيلة وتاريخية جمعت عبر التاريخ كافة الأطياف والجنسيات والأديان.. ولعل جولة الرئيسين السيسى وماكرون فى منطقة الحسين وخان الخليلى والجمالية وسط الناس والمواطنين وهذا الثراء التاريخى والشعبى المصرى بالإضافة إلى زيارة الرئيس الفرنسى للمتحف المصرى الكبير.. أعتقد انه أكبر حملة دعاية وتسويق عالمية وإعلامية لمصر على كافة الأصعدة فيما يتعلق بالأمن والجمال والإبداع والحضارة فالزيارة استمرت ثلاثة أيام كاملة كانت حديثاً للإعلام العالمى والفرنسى والعربى وكيف يتحرك ويتجول الزعيمان بأريحية وسط الناس فى مناطق فيها كثافات سكانية وسياحية.. كل ذلك فيه رسائل عظيمة عن الدولة المصرية ناهيك عن الرسائل القوية والمدوية التى انطلقت من سيناء من قلب العريش ورفح ومدى الحب والتقدير والالتفاف الذى يكنه المصريون لرئيسهم وقيادتهم السياسية.
لذلك اعتبر نجاح زيارة الرئيس الفرنسى لمصر فى هذا التوقيت شديد الدقة.. وعلى كافة الأصعدة والمستويات هو إنجاز كبير وعظيم للدولة المصرية.. وذكاء ودهاء مصرى فريد فى بناء علاقات مع القارة الأوروبية والاتحاد الأوروبى الداعم لمصر وتقدمها فى ظل تداعيات مواقف وقرارات أمريكية ودولية.. وجدت أوروبا ان مصر هى فرس الرهان فى الشرق الأوسط وقائدة المنطقة وأفريقيا ولديها الكثير من الأوراق والفرص.