المتغافلون والمتعامون عما يحدث فى القدس والضفة الغربية الآن- رغم انه يحدث بوتيرة أسرع وأشد من أى وقت مضي- يرتكبون خطيئة كبري.. ينسون ان ما تفعله قوات الاحتلال الإسرائيلى هدفه الأول والأخير تضييق الخناق على المسجد الأقصى اكثر واكثر والاقتراب قدر الإمكان من تنفيذ اوهامهم وطموحاتهم فى الأقصى ان لم يكن الهدم مباشرة فعلى الأقل فرض خطة التقسيم الزمانى والمكانى بأى وسيلة كانت.. لم يلتفت المسلمون كثيراً إلى معركة المعبد بالجدية المطلوبة وتركوا الامر لاهل الرباط المقدسيين وهم على قدر امكاناتهم يحاولون التصدى والصمود فى وجه جحافل المتطرفين الصهاينة الذين يتمتعون بأكبر قدر من الدعم من قوات الاحتلال المجرمة ومن المنظمات الصهيونية داخل إسرائيل وخارجها وهؤلاء بلغت شوكتهم حدا غير مسبوق جعلتهم يتطاولون ويتطاولون ويضربون بعرض الحائط كل القوانين والأعراف التاريخية وغيرها..
ويكفى الإشارة الى ان عدد المنظمات المهتمة بالمعبد وصل الى اكثر من 60 جمعية يجمعهم اتحاد عام اسمه اتحاد منظمات المعبد ويحظى هذا الاتحاد بدعم سياسى غير مسبوق منذ نشأة الكيان الصهيونى لا سيما بعد وصول «الصهيونية الدينية» إلى الواجهة السياسية.. حركات مهاويس المعبد وصلت إلى ذروة صعودها مع تشكيل حكومة نتنياهو الثانية فى ديسمبر 2022 حيث حصلت على 16 مقعداً وزارياً من أصل 32 وعلى 29 مقعداً فى «الكنيست» وهو أكبر نفوذ سياسى لها فى تاريخها مكنها من التغلغل فى دوائر صنع القرار وفى الحكومة الإسرائيلية!
كشف تقرير أصدرته مؤسسة القدس الدولية عن تطور العلاقة بين «منظمات المعبد» والمستوى الأمنى فى دولة الاحتلال عن التحولات التى شهدها دور شرطة الاحتلال حيال هذه المنظمات حيث انتقلت من توفير الحماية للمستوطنين أثناء الاقتحامات وتقييد جولاتهم فى الأقصى إلى أداة لتثبيت وجود المستوطنين فى الأقصى وتأمين أدائهم الطقوس التوراتية ومشاركة عناصر من الشرطة فى الطقوس بالتوازى مع إقصاء المصلين وتقييد دخولهم إلى الأقصى وفرض حصار صارم على المسجد عبر العناصر الأمنية المدعومة بوسائل تكنولوجية واستخبارية متقدمة.
أشار التقرير إلى ثلاثة مستويات رئيسة عملت عليها «منظمات المعبد» واستطاعت عبرها فرض رؤيتها على الأجهزة الأمنية وهى التأثير السياسى فى وزير الأمن الداخلى المتطرف ايتمار بن غفير والمطالبات المتكررة برفع سقف الاعتداء على المسجد والاختراق المباشر لمؤسسة الشرطة. ونتيجة لذلك أصبحت عناصر الاحتلال الأمنية الأداة الأبرز التى تمهد الطريق أمام مخططات المنظمات المتطرفة فى سياق تبادل الأدوار إذ تعمل المنظمات على حشد المقتحمين ورفع سقف مطالبها من مستويات الاحتلال القانونية والأمنية والسياسية. فيما تتحول شرطة الاحتلال إلى الذراع التى تنفذ هذه المخططات عبر فائض القوة الذى تمتلكه.
وتحت ظلال معركة طوفان الأقصى تمكن المتطرفون بموازاة حرب الإبادة والتهجير القسرى فى غزة والضفة الغربية من اتخاذ إجراءات جادة وسريعة لتغيير الواقع التاريخى والقانونى للمسجد الأقصى وهو جزء من عملية التهويد الجارية على قدم وساق..
والله المستعان..