على ضوء ما جرى ويجرى أمام أعيننا من حروب وصراعات مخططة تستهدف تغيير واقع المنطقة وإعادة رسم خريطة إقليمية جديدة تماما على أنقاض رقاع الخرائط الحالية، كذلك فى إطار فهم أوسع ونظرة شاملة وتحليل دقيق لتفاعلات العلاقات الدولية المعقدة والمتذبذبة بين الحلفاء فى اوربا وأمريكا وحلف الناتو نفسه وصولا إلى العلاقات الروسية الصينية وما يجمعهما من تحالف ظاهر ومؤكد فى هذه اللحظة فقط وربما هناك من التباينات المستترة بينهما ما يفوق التباينات الأمريكية الروسية.
>>>
عموما فلنضع امام أعيننا عدة نقاط واضحة ومجردة وعارية من اى أردية سياسية او ايديولوجية ونحن نبحث عن مدونة مراجعات استراتيجية جديدة فى ظل التطورات الحاصلة حولنا، اولا: من هو العدو الأساسى للدولة المصرية حاليا ومستقبلا؟ وما جهات التهديد المحتملة للأمن القومى المصرى بمفهومة الواسع؟ ثانيا: هل حقا هناك خطة موضوعة ومتفق عليها بين اسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا لإعادة رسم خريطة للشرق الأوسط الجديد؟ ثالثا: هل انتهى زمن التوازن الاستراتيجى فى المنطقة والذى كان يقضى بتوازن القوى العسكرية بين ايران واسرائيل والدول العربية بحيث لا يكون هناك تفوق مطلق لطرف واحد على حساب باقى الأطراف؟
>>>
رابعا: هل قررت أمريكا ان تكون اسرائيل وحدها هى شرطى المنطقة الذى يحمى المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط الكبير بعد القضاء على النموذج الإيرانى ثم تحييد الدور التركى والمصرى والخليجى فى المنطقة؟خامسا: إلى اين ستصل نتائج الحرب الروسية الاوكرانية خاصة بعد احداث الصواريخ الرابضة فى سيبيريا؟ سادسا: هل هناك تشابه بين ضرب أوكرانيا للأراضى الروسية واحداث هذا المتغير النوعى المفصلى وبين ضرب اسرائيل لايران واحداث هذا الانكشاف المذل للدفاعات الجوية الإيرانية؟
>>>
الاجابة على هذه الاسئلة والتساؤلات ستقودنى إلى الإشارة إلى النقاط التالية ونحن نتحدث عن مراجعات استراتيجية،١- مع قضاء أسرائيل على قدرات حماس وحزب الله والميليشيات الإيرانية فى المنطقة وإسقاط بشار وتنصيب احد الكوادر المدربة بدلا منه واضعاف الحوثى وتقطيع أصابع ايران جميعها ثم التوجه الآن لضربها فى العمق باغتيالات ممنهجة لكبار القادة العسكريين والخبراء النوويين، مع كل هذا الحاصل لابد وان تكون موازين القوى قد تغيرت تماما فى المنطقة، لا حماس لا حزب الله لا سوريا لا ايران !
>>>
هناك فقط اسرائيل وجيشها الذى غير كل النظريات التقليدية التى تقول بانه جيش الضربات الخاطفة ولا يستطيع الانغماس فى حروب طويلة، الآن يحارب هذا الجيش على جبهات عدة ولمدة طويلة وهذا يمثل قوة اللياقة العسكرية، 2- هنا لابد وان نكون واقعيين جدا ونحن نراجع علاقتنا باسرائيل، ونراجع ايضا كيفية ادارة هذه العلاقة وكذلك الخلافات القائمة بخصوص غزة والقضية الفلسطينية؟ فما كان جائزا أو واجبا منذ عامين لم يعد كذلك الآن، المعادلة تغيرت واقصد هنا معادلة القوة،
>>>
فجيش مصر فى أقوى أوضاعه استعداداً وتدريبا وتسليحا، لكنه جيش دفاعى وله عقيدة واضحة، اسرائيل بدأت تتحدث من خلال كتابها ومفكريها عن تسليح وقوة الجيش المصري، كل هذه الأمور لابد وان تدخل فى إطار تلك المراجعات الفنية.
3 – ونحن فى إطار المراجعة الاستراتيجية يجب ان ننظر إلى تغيير الواقع فى دول حوض النيل وانشطار السودان وقلاقل إثيوبيا واضطرابات القرن الأفريقى واكتمال سد النهضة، وكذلك تغيير الواقع فى ليبيا وعدم قدرة احد الأطراف على الوصول إلى صيغة نهائية تحافظ على بقاء الدولة المجردة.
>>>
4 – من ناحية اخرى يبدو ان الجيوش التقليدية والتسليح التقليدى لم ينجح فى حسم المعارك فى روسيا او ايران، فالمسيرات والذكاء الاصطناعى وحروب المعلومات وشغل الجواسيس واستخدام الإعلام كلها وسائل باتت أساسية فى الحروب الدائرة.
خلاصة القول ان جملة التغييرات الحاصلة ونتائج الصراعات الدائرة تحتم علينا اجراء مراجعات استراتيجية سياسية وعسكرية وقبلها ثقافية وفكرية وتنظيرية.
>>>
وفى تقديرى ان الدولة المصرية بكافة مؤسساتها تقف على حقيقة ما يجرى وتتابعه بكل دقة وتتحرك بحكمة بالغة فى حماية قوة عسكرية منضبطة ومتزنة فى اقليم شديد الاضطراب والجموح والجنوح .