فى مصر يوجد اهتمام بتوثيق التراث المصرى والحفاظ عليه حيث أطلق منذ عدة أعوام مشروع لتوثيق البنايات ذات الطراز المعماري المميز فى مختلف الاحياء المصرية عبر مجموعة من الكتيبات المطبوعة أعدها الجهاز القومى للتنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة، هذا بخلاف عدة كتب اعدها المهتمون والمتخصصون فى التراث المصري، ومن اول الإصدارات وأهمها كان ذلك الذى أعد عن حى الزمالك بوسط القاهرة. وللزمالك حكاية شيقة تبدأ باسمه حيث كانت تلك المنطقة تعرف قديماً باسم (العشش) وكانت مأوى للثعالب والذئاب والثعابين والعقارب فلم يجرؤ أحد على العيش فيها، وأطلق الأتراك اسم (الزمالك) عليها وهى كلمة تركية ترجمتها (العشش)، ومع الايام استخدم المصريون الترجمة وتجاهلوا الاسم القديم. وفى عام 1897 جاء من مدينة قنا عبدالنعيم محمدين وكان لديه بعض المال فقرر أن يشترى قطعة أرض فى تلك المنطقة حيث كان سعر المتر فيها لا يزيد على قرشين ونصف وبدأ فى استصلاحها وتطهيرها من الحيوانات المفترسة. وبالفعل نجحت الزراعة وأنبتت الارض ثماراً فأرسل عبدالنعيم يستقدم فلاحين من قنا ليستعين بهم فى مشروعه الناجح حتى اصبح عدد أقاربه وبلدياته فى تلك المنطقة أكثر من 2000 واشترى باقى مساحة المنطقة ليطهرها ويستثمرها واختير عمدة على فلاحينه وأقاربه. وتراجع عدد الحيوانات المفترسة أمام المساحة المزروعة وعندما تحولت الزمالك إلى جنة خضراء واخذت المنشآت تنتشر فى ربوعها وتوفى عبدالنعيم قسمت الأرض إلى قسمين بين ولديه، ومع ازدهار الارض طمع فى هذه المنطقة المميزة الملك ورأى ان الصعايدة لا يستحقون العيش فيها فأصدر مرسوماً ملكياً بنفى الصعايدة إلى منطقة إمبابة وأخذ الارض وقام ببناء القصور بها حتى يسكنها الأمراء والوزراء والفنانون والأغنياء. ولم يجد الصعايدة أمامهم إلا الامتثال لامر الملك وذهبوا بمنطقة إمبابة لتسمى بأرض عزبة عبدالنعيم ثم عزبة عسران ثم عزبة الصعايدة وهو الاسم الذى تعرف به حتى الآن. وبمرور الزمن تناسى الناس فضل الصعايدة فى تعمير الزمالك واصبحت سكن الأمراء والأعيان والفنانين ومنهم الأميرة فايزة والأمير طوسون إبراهيم والأمير سعيد طوسون وأغنى أغنياء مصر فى ذلك الوقت أحمد عبود باشا وعميد الادب العربى طه حسين والعديد من السفارات الاجنبية والعديد من الفنانين ومنهم فاتن حمامة وإسماعيل ياسين ويوسف شاهين والعديد من الشخصيات والضباط البريطانيين اثناء سنوات الاحتلال البريطانى لمصر، حيث اتخذ قائم القوات البريطانية أحد القصور مقراً له حتى عام 1936 وهو القصر الذى اصبح بعد الثورة نادياً اجتماعياً للقوات المسلحة المصرية. وقد تنوعت فنون العمارة بالزمالك عبر عصور مختلفة والتى بدأت بالطرز الاوربية الشهيرة ثم تطورت إلى دمج أشكال فنون معمارية مختلفة منذ بداية عام 1920 ميلادية لتغلب عليها لمسة إسلامية قومية وزخارف فرعونية هدفت إلى تمصيرها.