قال الفيلسوف أرثرشوبنهاور «أن تشعر بالغيرة، فذلك طبيعي، لكن حينما تشمت، فذلك شيطاني» ومعظمنا يعرف معنى الشماتة سلوكًا واصطلاحًا، وجميعنا تقريبا تعرض بشكل أو بآخر لشماتة البعض أو شمت هو بالبعض، والشماتة هى فرح وابتهاج شخص ما لمصيبة أو كارثة وقعت لشخص آخر قد لا تكون بينهما علاقة مباشرة أو غير: مباشرة، والسؤال الذى دفعنى لكتابة هذا المقال هل الشماتة شعور طبيعى مرتبط ببنى البشر وناموس من نواميس الطبيعة البشرية.
كمشاعر الحب والكراهية والفخر والعزة إلى آخر تلك المشاعر والسلوكيات؟ هل القلب السليم يستطيع ان يشمت فى مصائب الآخرين؟ هل الإنسان الموصول بالله حقًا ورعا وتقوى وإيمانًا وتسليمًا يميل قلبه إلى الابتهاج بنوازل ألمت بخلق الله سواء أكانوا بعيدين او قريبين؟ فهل الشماتة مرض سلوكى يحتاج مداواة القلب النازف كراهية؟ أعلم ان الدين الحق يمقت الشماتة ويحذر منها قرآنا وسنة وفقها سليمًا، ويقول النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَة لأَخِيكَ فَيرْحمْهُ اللَّهُ وَيبتَلِيكَ».
>>>
وهذا يفسر فطرتنا الإنسانية أو ما أراه كذلك، فعند وقوع مكروه أو مصيبة أو نازلة من النوازل بأى إنسان حتى ولو كان عدوا ظاهرا لا أقول إلا عبارة واحدة « اللهم لا شماتة «، ووسط هذا العبث الذى نعيشه ويرتدى أزياء متنوعة ما بين الرأى والدين والسياسة والأخلاق المصطنعة، وجدت رأيا لأحد قادة الارهاب من جماعة الإخوان وهو يكتب بوقاحة نادرة يحسد عليها ما يلى «اعلم أن الله تعالى هو الذى شرع لنا الشماتة فى هلاك الظالمين، بل وعلمنا كيف نشمت.. ذلك، بأن نحمده سبحانه على هلاكهم: «فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
>>>
ألهذه الدرجة وصل بالبعض ان يتقولوا على الله بقولهم «شرع لنا الشماتة وعلمنا كيف نشمت؟» بيد أن سلوك الاخوان تجاه كل الملمات التى اصابت مصر كان دائما حالة فرح وسعادة لا يكاد يستوعبها العقل، يبدو كذلك ان هناك ثقافة صفراء جديدة بدأت تزحف إلى المجتمع بفعل هذه الجماعات تحمل افكارًا سوداء، ورغم ان الشماتة فى حد ذاتها شعور قد يتسلل إلى القلب فى غيبة العقل أو العكس، إلا انه قد يمر سريعًا دون ان يترك اثرًا كبيرًا كما الومضة، فما هو تفسير وقع الشماتة على النفس البشرية السوية.
>>>
حاول باحثون من جامعة برينستون أن يكشفوا عن درجة قبول الناس لمشاعر الشماتة من خلال معرفة ردود أفعالهم، وجاءت تلك النتائج لتؤكد أن الشماتة، ورغم انها غير مريحة للقلب، فإنها تبدو صفة طبيعية وعامة فى البشر،وهناك صور وأنماط مختلفة للشماتة، يقول المؤرخ العراقى سيار الجميل « إن شماتة الحسّاد تأتى عاطفيا دوما ضد أصحاب الثروات، كما يذكر أوتونى وآخرون، وترتبط به شماتة الأغبياء الذين يعلنون عن حقدهم ضد الناجحين والمتفوقين، كما يذكر باريت وجماعته،
>>>
فى حين أن شماتة المنتقمين الذين يعلنون عن فرحهم ورقصاتهم ضد الفئات العليا وأصحاب الجاه والسلطان، كما يقول فون دايك، وثمة تصنيفات أخرى للشماتة! إن الشماتة التى نجدها بين أعداء حقيقيين، أو خصوم سياسيين، أو فرقاء مؤدلجين.. لا يمكن أن نجدها عند كل الشعوب» انتهى الاقتباس وبقيت الفكرة الأساسية لهذا المقال وهو أسباب انتشار ظاهرة الشماتة فى مجتمع كالمجتمع المصرى الذى عرف بالسماحة والتسامح.
>>>
بيد ان السبب الرئيسى هو محاولة شرعنة تلك الظاهرة واعتبارها أمراً إلهياً وواجباً دينياً، وهنا اذكِّر الجميع بقول احد قيادات الإخوان «لقد شرع الله الشماتة بل وعلمنا كيف نشمت» اذكر هذا وأكرره كى نقف جميًعا على سبب هذا التغير السلبى فى المجتمع والذى ارتبط بظهور جماعات راديكالية تكره وتكفر المجتمع.