إشتهرت مصر دون غيرها بكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية والرياضيات فى القرى والعزب والكفور والنجوع منذ القدم وليس هذا فحسب بل كان بمثابة اللبنة الأساسية والخطوة الأولى فى بناء شخصية الأطفال وغرس قيم وأخلاق سامية مثلت جينات الشخصية المصرية من الإيمان بأهمية العلم واجلال المعلم واحترام الكبير.
الحصيرة التى كنا نجلس عليها ومرافقة سيدنا فى أوقات الصلاة والوقوف خلفه وهو يتوضأ ذكريات لا تنسي.. كتاب القرية كان مدرسة متكاملة فى النظام.
الحضور والانصراف لا يتم إلا بعد الحفظ التام للوح والماضي.. تعلمنا فى كتاب القرية الدين والأدب والأخلاق وطاعة الوالدين واحترام الصغير وتوقير الكبير والرحمة بالضعفاء وإغاثة الملهوف.
كتاب القرية كان مصنع العظماء من رجال الدين والعلماء والأطباء والمعلمين والمهندسين والمفكرين وغيرهم الكثير والكثير وأذكر مثالاً بقريتى أم دينار بالجيزة من رجال الدين تخرج فى كتاب القرية المشايخ كارم الحريرى وفتحى عبدالمنعم خليف وعيد أبوعشرة قراء بإذاعة القرآن الكريم والمبتهل شريف خليف وصاحب الصوت الجميل صديق خميس طعيمة وفى قريتى والقرى المجاورة بمركز منشأة القناطر الكثير الذين يحيون ليالى رمضان فى الخارج أمثال الدكتور ناصر رزق الشملول وغيره الكثير.
إن دعوة الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف لعودة الكتاتيب هى دعوة صادقة نابعة من الإيمان بأهميتها لتعزيز القيم الدينية والوطنية لدى شباب الغد وحمايتهم من الفكر المتطرف والحفاظ على لغتنا العربية وهويتنا المصرية.
التطورات التكنولوجية المتسارعة وهوس الانترنت والعالم الافتراضى الذى استحوذ على الأجساد والعقول وفك أسر الاطفال من الغزو الثقافى المرعب على وسائل التواصل الاجتماعى تحد ليس بالهين أمام جهود الحفاظ على القرآن الكريم واللغة العربية والشخصية المصرية السوية والهوية الوطنية جميعها تمثل بناء الإنسان.
<< خلاصة الكلام:
إن عودة كتاتيب القرية إلى سابق عهدها هى بداية الطريق لاستعادة تعلم القيم والأخلاق.. الاحترام.. المبادئ والأصول واحترام الغير والدين الصحيح.. عودة كتاب القرية لاستعادة بناء شخصية سوية تتسم بالعلم والأخلاق المحصنة ضد الفكر المتشدد.
إن احياء وتعميمم الكتاتيب فى كل ربوع مصر يمثل خطوة هامة لبناء جيل يتمتع بفهم صحيح الدين الأمر الذى يسهم فى تعزيز القيم الإنسانية والنشأة السوية للإنسان الذى يمثل ركيزة اساسية فى تحقيق النهضة والتنمية فى المجتمع.
..شكراً د.أسامة الأزهرى وزير الاوقاف على إعادة احياء كتاتيب القرية المدرسة والمعلم والمربى والنبراس المضيء والهادى إلى الصراط المستقيم فى الدنيا والآخرة.
<< من هنا اقترح على وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهرى أن يخصص مبلغاً من ريع الوقف لإنفاقه على حفظة كتاب الله فى كتاتيب قرى مصر من خلال مسابقات تخصص لهم فى حفظ جزء من القرآن أو كاملاً وتخصيص رحلات عمرة للأكثر حفظاً وتلاوة تحفيزاً لهم لحفظ كتاب الله وفهم الدين الصحيح والحفاظ على الهوية والتقاليد السوية.