ليس هناك أسهل من قرار الحرب، لكن الصعوبة كل الصعوبة أن تضمن مصير هذه الحرب أو أن تخرج منها دون خسائر دول كثيرة بل وكبيرة دمرتها الحروب وقضت عليها الصراعات، لأن قيادتها لم تفكر قبل أن تتخذ القرار ولم تحسب العواقب ولم تقدر حق شعوبها في أن تعيش في أمان واستقرار، وإنما سيطر عليهم الغرور وقادهم التهور إلى الدمار، ولذلك يقولون دائما إنه عندما تكون القيادة أفضل تفوز الشعوب، والقائد الناجحهو من يعرف الطريق جيدًا، ويعرف كيف يتجنب المخاطر، فالقيادة ليست مزايدة ولا هي قرارات عشوائية أو فردية أو دخول في معارك غير محسوبة، أو مغامرة بحياة ومصالح الشعوب القيادة مسئولية كبيرة لا يتحملها إلا من يقدر الأمانة.
في زمن تتزايد فيه الأزمات وتشتعل مساحات الصراع وتتسع الأطماع، أصبحت القيادة هي كلمة السر الأهم في حماية الدول ومقدراتها، فالدول التي تمتلك قيادة واعية مدركة للتحديات وقارئة للمشهد وحكيمة في قرارها تصبح قادرة على النجاح وتجنب الكثير من الأزمات والتعامل مع المخاطر ومواجهة الاستهداف بهدوء.
أما الدول التي ابتليت بقيادة متهورة تسيطر عليها أوهام الزعامة الكاذبة وشهوة البطولة حتى ولو على حساب الدولة وأمنها ومصالحها فنهايتها كارثية، وما يدور حولنا على مدى السنوات الماضية كشف لنا نماذج مختلفة من القيادات، منهم من ضيع دولته وشرد شعبه، ومن خاص حروبا دون جدوى وبسببها خسرت دولته الكثير، بل أصبحت أثرا بعد عين.
وفي المقابل كانت أمامنا نماذج القيادات نجحت بحكمتها ووطنيتها وحسن قرارها في أن تعمى شعبها وتؤمنه وتصون مقدرات دولتها وتتجنب النيران المشتعلة حولها . وفي هذا السياق نجد أن القيادة المصرية المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي نموذج يستحق أن نقف أمامه طويلاً.
وندرس كيف تعامل بذكاء شديد طوال عشر سنوات صعبة وسط منطقة مشتطة ومتوترة ومضطربة، كان مطلوباً ومخططاً طوال هذه السنوات أن تتورط مصر في حروب وكان مستهدفاً أن تسقط في وحل صراعات داخلية وخارجية، خلال هذه السنوات نصبت المصر كمائن كثيرة، وفتحت لها ملفات مدمرة، ووضعت لها مخططات يصعب حصرها، وكان المستهدف أن تقع وأن تنجرف إلى الدخول في أتون مواجهات لا تنتهى ودوامات حروب مختلفة، تستنزف قدراتها وتدمر إمكانياتها وتفقدها الاستقرار، والمزيد من الضغط عليها تعرضت الدولة المصرية لكل أنواع التحريض على الصدام وكل أشكال التسخين الشعبي للضغط على القيادة، لكن بحكمة القيادة وفهمها العميق لما يجرى حولنا وما هو مخطط لنا، نجحنا في أن نتجنب كل هذه المخططات وأن نفوت الفرصة على المتربصين بمصر، وأن نتعامل وفق ما يحقق مصلحة الدولة وأمنها القومى والشعبي، وليس كما كانوا يريدون لنا، بالتأكيد لم يكن تجنب الدخول في حروب ناتجاً عن ضعف، فمصر تمتلك الآن قدرات عسكرية تمكنها من التعامل مع كل السيناريوهات بما يحمى أمنها ومصالحها.
ولم يكن هذا ناتجاً عن خشية المواجهة فالقيادة السياسية كما لمسنا جميعا تمتلك جرأة المواجهة والقدرة على اتخاذ أصعب القرارات في أشد الظروف بل وفرض خطوطها الحمراء عندما تريد، وحدث هذا مراراً وكان واضحا للجميع.
لكن تجنب الحروب والصراعات كان نتيجة إدراك من القيادة أن هذه الحروب مخططة وموجهة لأهداف محددة، والمخططات تستهدف أن تدخل مصر في صراعات مدمرة تربكها وتفقدها كل شيء.
لو كانت قيادة مصر في هذه الفترة الصعبة سهلة الاستفزاز أو متهورة لدفعنا الثمن غالياً وغاصت أقدامنا في مستنقع لن نخرج منه، والنماذج حولنا كثيرة، لكن القيادة الحكيمة كانت كلمة السر ليس فقط فى تجنيبنا ويلات الصراعات، بل أدارت الخلافات بحكمة، وتعاملت مع المخططات بهدوء، لم تختر الصدام بل اختارت دائما الحوار واعتمدت الحلول السياسية التي قد تكون طويلة ومرهقة لكنها أقل ثمناً من الحروب التي تدمر الجميع.
كان الرئيس السيسى منذ البداية واضحاً فى التأكيد على أن أمن مصر ومقدراتها خط أحمر وأرضها غير قابلة للتفاوض، لكنه في الوقت نفسه نجح في أن يفرض هذا الأمر على الجميع دون أن تدخل مصر في حروب وصراعات لا طائل منها، بل أدخل مصر في مسار البناء والتطوير لصالح المواطن امتلك القوة الرادعة التي تفرض على الجميع احترام الأمن القومى المصرى والابتعاد عن الدخول معها في صراع، لكنه في الوقت نفسه رفض أن يحول هذه القوة إلى عدوان على الآخرين ورفض أن تغريه هذه القوة على الانسياق وراء دعوات مشبوهة وتحريض متعمد.
استخدم الرئيس القوة من أجل السلام وسخر قدرات الدولة للبناء وفتح كل أبواب الحوار مع الجميع تحت شعار التنمية لكل الأطراف.. هذا هو القائد الذي يجب أن نفخر به و نقدمه للعالم كنموذج لمعنى القيادة الحكيمة للدولة في منطقة أمواج متلاطمة ونيران مشتعلة.
السيسي قائد يقدم النموذج الأمثل فى صناعة الأمان لشعبه والبناء للمستقبل والتنمية وصناعة السلام والإستقرار.