لم تكن حالة الفزع التي انتابت المصريين فجر أمس بسبب الزلزال مبالغًا فيها، بل كانت ناتجة عن خوف حقيقى سيطر على الجميع لدقائق فالهزة كانت شديدة، والمدة زادت عن 20 ثانية – أعادت المواطنين سريعاً للذكرى الأليمة لما حدث في زلزال 1992 والذى كانت قوته 5.8 ريختر ودمر أكثر من 350 مبنى وألحق خسائر ضخمة بأكثر من 9 آلاف مبنى آخر، وأدى إلى وفاة 561 مواطنا وتشريد أكثر من 50 ألفا آخرين.
كل ما شغل الناس فى لحظات الخطر بعد منتصف الليل، هل نحن أمام مشهد متكرر بعد 32 عاماً، وكان السؤال الذي سيطر على السوشيال ميديا، والاتصالات العائلية التى توالت بعد الزلزال هل هناك تداعيات، هل هناك من تعرض للخطر، الكل كان يسأل وفى ذهنه كارثة 1992 بل وكثيرون تركوا منازلهم ونزلوا إلى الشوارع خوفاً من الكارثة، لكن الحمد لله مر الزلزال الذي تجاوزت قوته 6.4 ريختر على خير، سترها الله على المصريين، لأن هناك جهداً مبذولاً على مدى السنوات الماضية لإعادة بناء الدولة من جديد وتخليص مصر من كل مناطق الخطر والمبانى المتهالكة والعشوائيات الخطرة.
طوال السنوات الماضية عملت الدولة على أن تنتهى ظاهرة العشش والعشوائيات والمباني الآيلة للسقوط، وأن ينتقل المواطنون إلى سكن حديث ومدن آمنة في البناء والعمران، أصبح لدينا الاسمرات بأحدث الطرز المعمارية، وروضة السيدة، وبشائر الخير لدينا مدن جديدة بكود بناء عصرى يضمن السكن الأمن، تغيرت البنية التحتية تماماً إلى الأفضل، وتطور الشكل العمراني، واختفت المناطق الخطرة بكل ما كانت تضمه من مبان آيلة للسقوط.
الخريطة العمرانية المصرية اختلفت تماماً. تم تحديثها وتطويرها فأصبحت أكثر صلابة وقدرة على تحمل الصدمات والهزات العنيفة ولهذا فرغم قوة الزلزال، لم تحدث خسائر في الأرواح أو المباني، لأن الوضع اختلف تماماً عن ذي قبل.
هذا يؤكد لنا أن ما تشهده مصر من إعادة بناء، إسكان اجتماعي ومتوسط يتجاوز المليون وحدة، والإسكان الحضرى بديل العشوائيات، والمدن الجديدة المنتمية للجيل الرابع من العاصمة الإدارية إلى العلمين الجديدة وغيرهما، لم يكن رفاهية ولا إنفاقاً في غير محله، بل كان تغييراً ضرورياً، وبناء كان واجباً، ليعود الأمان السكنى والكرامة الإنسانية إلى مئات الآلاف من ملايين المصريين الذين كانوا يعيشون تحت مظلة الخوف، إن لم يكن من زلزال فمن تهالك المباني، وتقادمها.
زلزال الأمس الذى وإن كان مركزه أبعد من زلزال 1992، لكن قوته كانت أوضح وأكبر، أثبت أننا يمكن أن نواجه الخطر بالتخطيط والعلم، والعمل وهو يستوجب علينا أن ندرك أهمية ما حققته القيادة السياسية من بناء خلال السنوات الماضية.