نشعر بالخطر حينما نرصد ونشاهد صورًا مختلفة تعبر عن مخرجات عدائية تضير بالأشخاص، أو الممتلكات مهما تباينت الأسباب؛ حيث إن الضرر هنا ينال الجميع دون استثناء؛ فإذا ما كان آثار صورته المادية قاصرة على من يقع عليه العدوان المباشر، فإن آثار صورته المعنوية تنال المجتمع كله، وهنا ينبغى أن نواجه الظاهرة كى لا تتمدد ويخرج لنا من يدشن صورة البطل والقدوة فى أذهان أجيالنا التى أضحت تواجه تحديات لا حصر ولا منتهى لها.
إننا فى أمس الحاجة لأن نعيد صورة المناخ الهادئ لمؤسساتنا التعليمية، بل أحرى بنا أن نخلق هيبة لها، ونفرض حالة من الانضباط التى تقوم على احترام المعايير وتقديس ما نؤمن به من قيم نبيلة وخلق حميد؛ ومن ثم تفعل القواعد وتحترم لوائح السلوك، كما تسن التشريعات التى من شأنها تردع كل من تسول له نفسه ويتسبب فى إحداث ممارسات عنيفة داخل الحرم التعليمى بأكمله.
لا نقلل من أثر وتأثير التوجيه والارشاد بصفة مستدامة؛ لكن يتوجب أن نرسخ لفكرة السيطرة الإيجابية داخل البنيان المؤسسى وخارجه، وهذا يعنى ببساطة أن نقوم السلوك غير المرغوب فيه ولا نقف عند حد المشاهدة أو ضعف الاكتراث؛ فالجميع مسئول عن ذلك، وتعزيز السلوك الحميد أضحى من الأمور التى يتوجب أن تلقى منا اهتمامًا بالغًا؛ كى نوطد ونعمق لماهية الاحتواء والمحبة والمودة والتقدير والتعاون والتقبل والتعايش السلمى.
نريد أن نغرس بذور الطمأنينة فى قلوب المجتمع وفى وجدان فلذات أكبادنا بمراحل التعليم المختلفة، وهذا لن يحدث إلا بغرس قيم مجتمعية تربينا عليها وخلق حميد اعتدنا على ممارسته فتصفت أفعالنا به، وهنا يتوجب أن نعيد النظر فى صورة الحوار والمناقشة سواء أكانت فى المنزل أم المؤسسة التعليمية، أم فى سائر مؤسساتنا المعنية ببناء الإنسان وتغذية الوجدان؛ فالمسئولية والمساءلة تقع على كاهل الجميع لا ريب.
إن حلول مواجهة ظاهرة العنف والقضاء عليها كثيرة؛ لكن أود الإشارة إلى أهمية تهيئة وجدان الإنسان فى أن يعيش ويعايش صور مواقف حية نصفها بالنبيلة تبعث فى خلده الرغبة الجامحة تجاه أن يكون رحيمًا ودودًا وعطوفًا ومتعاطفًا ومعطاءً كريمًا لديه متسع من الصبر والقدرة على التحمل لا ينهار أو ينهزم من ضغوط أو مؤثرات طارئة، يسعى لأن يحقق التكافل بصوره المحمودة فتزداد الروابط بينه وبين الآخرين فيستشعر السكينة والطمأنينة لا محالة.
وتجنبًا للإطالة أود التأكيد على تعضيد فلسفة بناء الإنسان التى أضحت الدولة توليها اهتمامًا كبيرًا؛ حيث إن تنمية العقول عبر تغذية الوجدان وقدح الأذهان بصحيح ماهية القيم والخلق النبيل يعد بوابة للإعمار على مر الزمان فى بلادنا المحروسة.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.