القيادة الرشيدة في زمن الأزمات
في عالم يعج بالأزمات والصراعات، تبرز مصر كواحة للاستقرار، محاطة بتحديات جسيمة من مختلف الاتجاهات، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان أو غيرها من الجبهات الساخنة التي تشهد توترات متزايدة. وسط هذه العواصف، تثبت القيادة المصرية أنها تتحلى بـ الصبر الاستراتيجي، وهي استراتيجية قائمة على التريث، وحسن التقدير، واتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، مما يجنب البلاد الانزلاق إلى الفوضى، ويحافظ على الأمن القومي المصري.
لقد واجهت مصر على مدار العقد الماضي العديد من الأزمات، وأظهرت قيادتها الحكيمة قدرة على التعامل مع كل تحدٍ بمنطق الدولة القوية التي توازن بين الحكمة والحزم، بين ضبط النفس والتحرك الحاسم عند الضرورة. ولم يكن ذلك ليتحقق إلا بفضل حكمة القيادة، وحنكة مؤسسات الدولة، وسند الشعب المصري الواعي، الذي أثبت مرارًا دعمه الكامل للقيادة في قراراتها المصيرية.
أزمات متشابكة ورؤية واضحة
تمثل التطورات في غزة علي سبيل المثال وليس الحصر تحديًا استراتيجيًا معقدًا، حيث تسعى مصر للحفاظ على توازن دقيق بين دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبين منع انزلاق المنطقة إلى صراع طويل الأمد قد يهدد الأمن الإقليمي. وقد لعبت مصر دور الوسيط الفاعل، الذي يتواصل مع كافة الأطراف، مقدمًا الحلول الواقعية الدائمة، لا الشعارات الفارغة، ومحافظًا على المبادئ المصرية في رفض الإرهاب وحماية المدنيين.
في كل تصعيد، أثبتت القيادة المصرية أنها الملاذ الوحيد القادر على ضبط إيقاع الأحداث، ومنع خروجها عن السيطرة. هذا الدور لم يكن ليتم إلا من خلال الصبر الاستراتيجي الذي يجعل القاهرة تتحرك عندما يحين الوقت المناسب، وتطرح المبادرات المدروسة بدلاً من الانجرار وراء ردود الأفعال العاطفية.
الصبر الاستراتيجي: دروس من التاريخ المصري
لم تكن هذه التجربة في إدارة الأزمات جديدة على مصر، بل امتداد لنهج ثابت في السياسة المصرية على مدار العقود. فمنذ حرب أكتوبر 1973 وحتى يومنا هذا، اعتمدت مصر على الذكاء الاستراتيجي، لا التهور، وعلى القوة الحكيمة، لا المغامرة غير محسوبة العواقب.
لقد أكدت الأحداث المتلاحقة أن مصر دولة تمتلك بصيرة سياسية عميقة، وخبرة طويلة في التعامل مع التحديات الكبرى. فبينما تشهد دول أخرى حالة من الاضطراب، نجحت مصر في تجنب السقوط في الفوضى، وبناء نموذج للاستقرار والأمن، مما جعلها محورًا أساسيًا لحفظ التوازن في المنطقة.
الدعم الشعبي والديني للقيادة المصرية
إن دعم الشعب المصري لقيادته ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل هو إدراك عميق لحجم المسؤوليات التي تتحملها الدولة المصرية في هذه المرحلة الحساسة. يدرك المواطن المصري أن الخيارات التي تتخذها القيادة ليست وليدة اللحظة، بل هي قرارات استراتيجية تهدف إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن، وحماية الأجيال القادمة من المخاطر التي تهدد الدول المجاورة.
ومن جانب آخر، فإن المؤسسة الدينية في مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف، تؤكد دعمها الكامل للقيادة السياسية، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بأن استقرار الدولة هو جزء من مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي هو واجب ديني قبل أن يكون ضرورة سياسية.
وقد لعبت المؤسسات الدينية دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الوطني، والتصدي لمحاولات التشكيك التي تروج لها جماعات التطرف والإرهاب، مؤكدين أن الصبر الاستراتيجي الذي تمارسه الدولة المصرية هو نموذج للحكمة التي تتوافق مع التعاليم الإسلامية في التريث والتقدير السليم للأمور.
مصر محفوظة بعناية إلهية
لا يمكن إنكار أن مصر واجهت تحديات كبرى، لكن عناية الله دائمًا تحيط بهذا الوطن، وتحميه من الشرور. فمنذ فجر التاريخ، ومصر في قلب الأحداث، لكنها كانت دومًا قادرة على الصمود والتكيف مع التحولات، والخروج من المحن أقوى مما كانت.
إن القيادة الحكيمة، ودعم الشعب، وصلابة المؤسسات، والتأييد الديني، كلها عوامل اجتمعت لتجعل من مصر نموذجًا للاستقرار في زمن الفوضى. ولكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن مصر محروسة بفضل الله، وببركة دعاء شعبها الصالح، وبإخلاص رجالها الذين يسهرون على حمايتها ليل نهار.
الثقة في القيادة والمستقبل
إن مصر اليوم ليست مجرد دولة تتعامل مع الأزمات، بل هي قوة إقليمية تعتمد على سياسة حكيمة قائمة على الصبر الاستراتيجي، والتخطيط المدروس، والرؤية الواضحة. إن دعم المصريين لقيادتهم هو ضمانة أساسية لاستمرار الاستقرار والتقدم، وإن الثقة في حكمة القيادة ستظل الأساس الذي يمنح هذا الوطن القدرة على تجاوز الصعوبات وتحقيق الإنجازات.
بإذن الله، وبحكمة القيادة، وبدعم الشعب، ستظل مصر القوة العاقلة التي تضيء طريق السلام في المنطقة، وتحمي أرضها وشعبها من كل المخاطر، والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.