تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى موسكو للمشاركة فى احتفالات عيد النصر تلبية لدعوة نظيره الروسى بوتين، تأكيدًا لقوة العلاقة بين البلدين، والتى اكتسبت قوة دفع جديدة فى عهد الرئيس السيسى حتى باتت أكثر تميزًا فى ظل الظروف الدولية الراهنة التى تتسم بعدم الاستقرار، وازدادت علاقات القاهرة مع موسكو ارتباطًا بالظروف السياسية على المستوى الدولى والتى كان لها دور كبير فى التقارب بين البلدين الحليفين.
تظل روسيا واحدة من الشركاء الكبار لمصـر سـياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا وعسكريًا، وهى شـراكة إستراتيجية شاملة تقوم على المصالح المشـتركة والمنافع المتبادلة فى إطار السياسة الخارجية الأوسع التى تبنتها مصر منذ عام 2014 والقائمة على تنويع الخيارات والندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشـئون الداخلية والحفاظ على الدولة الوطنية واحترام سيادتها بوصفها حجر الأساس فى بناء النظامين الإقليمى والدولي.
ووصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، إلى العاصمة الروسية موسكو للمشاركة فى احتفالات عيد النصر فى التاسع من مايو، وذلك تلبيةً لدعوة من نظيره الروسى فلاديمير بوتين.
وفى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى توطدت العلاقات بين مصر وروسيا ووصلت إلى مستويات رائعة من خلال التعاون فى كافة المجالات، وتبادل الرئيسان السيسى وبوتين الزيارات بين القاهرة وموسكو بجانب اللقاءات على هامش المؤتمرات الخارجية، ونجحت تلك الزيارات فى تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، حيث عكست حرص البلدين على تبادل الدعم السياسى على المستوى الإقليمى والدولى فى ظل ما يواجهه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية تستهدف النيل من الاستقرار السياسى وتهديد الأمن القومى لكليهما وتشاركهما فى رؤية موحدة فى مواجهة الإرهاب، وتحقيق مصلحة مشتركة فى دعم النمو الاقتصادى فى البلدين والفرص الاقتصادية التكاملية.
العلاقات الدبلوماسية
وتعد مصر فى طليعة الدول التى أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991، وتطورت على أثرها العلاقات السياسية على مستوى رئيسى الدولتين والمستويين الحكومى والبرلماني.
وفى عام 2023 احتفلت كل من مصر وروسيا الاتحادية بذكرى مرور 80 عامًا على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ومنذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ارتبطت مصر وموسكو بعلاقات عسكرية تاريخية، فقد كان للاتحاد السوفيتى دور فى إعادة بناء وتسليح القوات المسلحة المصرية بعد نكسة 1967، وما حصلت عليه مصر من عتاد عسكرى مكّنها من خوض حرب الاستنزاف وحرب 1973 تحريرًا للتراب الوطني.
ظل التعاون العسكرى بين البلدين قائماً منذ ثلاثين سنة، وتجددت قوة العلاقات فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو حيث بدأت زيارات الرئيس السيسى لموسكو منذ أن كان وزيرا للدفاع فى أغسطس العام 2013 والتى بدأت معها اتفاقات لتحديث الترسانة العسكرية المصرية وتزويدها بالسلاح الروسى فى إطار خطة تنويع مصادر التسليح التى أعلنتها القيادة السياسية، وتعمل عليها الأمانة العامة للقوات المسلحة وفقا لاحتياجاتها فى منطقة تموج بالتحديات وتتزايد فيها التهديدات على كافة المحاور الإستراتيجية.
تعددت الصفقات العسكرية المصرية الروسية.
شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا تطورًا ملحوظًا منذ زيارة الرئيس السيسى لروسيا عام 2015، حيث تم تذليل الكثير من العقبات التى كانت تعترض انسياب حركة التجارة بين البلدين.
وصل عدد الشركات الروسية فى مصر الى 467 فى مصر وهى تعمل بمجالات مختلفة مثل البترول والغاز.
ومن المتوقع أن تضخ المنطقة الصناعية الروسية فى مصر استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وتوفر 35 ألف فرصة عمل، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم عام 2016 بشأن البدء فى إنشائها، ليتم على أساسها التوقيع على الاتفاق النهائى بشأن المنطقة الصناعية، التى تضم مشروعات فى مجال تجميع السيارات، المعدات الزراعية، مواد البناء، معدات الطرق، صناعات أدوية، بناء سفن، منسوجات وملابس، أجهزة إلكترونية، أثاث ومعدات هندسية، هذا بالإضافة إلى مشروعات فى مجال تكنولوجيا المعلومات وإعادة تدوير المخلفات والخدمات المالية «بنوك – تأمين».
محطة الضبعة علامة مضيئة
فىنوفمبر 2015 وقّعت الحكومة المصرية والروسية اتفاقية تعاون تقضى بإنشاء موسكو أول محطة نووية تضم أربعة مفاعلات لإنتاج الطاقة الكهربائية فى منطقة الضبعة، ومثّل الجانب المصرى هيئة المحطات النووية، ومثّل الجانب الروسى شركة روز أتوم الروسية العاملة فى مجال بناء المحطات النووية، وتشمل الاتفاقية النواحى الفنية المتعلقة بأحدث التكنولوجيات التى تشمل أعلى معايير الأمان النووي، كما يتضمن العرض الروسي، أفضل الأسعار التمويلية الخاصة بأفضل تمويل وفترة سماح أو فائدة.
وبمقتضى الأتفاق توفر روسيا حوالى 80 ٪ من المكون الأجنبي، وتوفّر مصر حوالى 20 ٪، على أن تقوم مصر بسداد قيمة المحطة النووية بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها، ومن المخطط اكتمال المشروع خلال العام 2028، تضم المحطة النووية وفقًا للاتفاقية فى المرحلة الأولى 4 وحدات قدرة كل منها حوالى 1200 ميجاوات بتكلفة حوالى 10 مليارات دولار.