فى عالم يموج بالصراعات، ومنطقة تعج بالأطماع والمخططات، لا يوجد خيار أمام الحفاظ على الأوطان إلا بتمكينها من القوة والقدرة الشاملة، واستشراف المستقبل ورصد وتوقع التحديات والهيمنة أشد المخاطر والاستفادة من دروس الماضى والحاضر لبناء المستقبل، والحقيقة التى أتحدث عنها كثيراً منذ سنوات ويدركها البعض الآن فى أتون سخونة الأحداث بالمنطقة وأيضاً ما تتحلى به مصر من قوة وثقة واطمئنان وحكمة، أن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الإصلاح والتنمية والتطوير والتحديث لبناء الدولة الحديثة القوية القادرة، لم تكن مجرد مجموعة أو عشرات أو مئات من المشروعات العملاقة فى مجالات عدة، ولكنها كانت ومازالت عملاً ملحمياً بالمعنى الحقيقى للكلمة صاحب هذه الرؤية، التى انطلقت قبل 12 عاماً أدرك جيداً ما هو مطلوب تنفيذه لحماية مصر، من تحديات وتهديدات وجودية.. بل وتوقيتات إنجاز هذه الرؤية، فلم يكن هناك مجال لتأخير أو رفاهية لوقت، فما هو قادم «آنذاك» هو الأخطر، حيث كان العمل على كافة المحاور، والبناء والتنمية والإصلاح فى جميع المجالات والقطاعات فى وقت متزامن وكذلك فى جميع المناطق وربوع البلاد، الهدف الإستراتيجى والوجودى من هذه الرؤية هو تأمين وتحصين وحماية البقاء والوجود المصرى فى معركة حتمية وأيضاً تأمين الأمن القومى المصرى بالمفهوم الشامل ليس الجانب الدفاعى والعسكرى والأمنى والردع فقط ولكن بشكل شامل فى تأمين وتوفير احتياجات المصريين وتحقيق الاكتفاء والاستغناء فى الكثير من هذه الاحتياجات وخفض الاعتماد على الخارج وتقليل نسبة الواردات فى الاحتياجات الأخرى إيماناً بأنه لا يمكن تكرار ما حدث فى الماضى، وغير مقبول أن تترك دولة مثل مصر مستهدفة بالأطماع والمخططات والمؤامرات، ومطلوب ابتزازها وتركيعها وممارسة أقصى الضغوط عليها وحصارها وخنقها.. لذلك ارتكزت رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بناء مصر الحديثة على قدرة الدولة المصرية على توفير القدر الأكبر من احتياجاتها، بالاعتماد على الذات، والتوسع فى توفيرها محلياً، فقد وصل اعتماد مصر على الخارج قبل الرئيس السيسى ربما لأكثر من 70 ٪ من السلع الأساسية.. وهنا أتوقف عند أمرين فى غاية الأهمية فى رؤية بناء مصر وحماية وجودها والحفاظ على أمنها القومى، وتمكينها من القدرة على المواجهة واتخاذ المواقف الحاسمة والصلبة.
أولاً: بناء قدرات دفاعية وعسكرية غير مسبوقة، تخاطب وتلبى احتياجات وأهداف مصر فى حماية أمنها، وحدودها وأرضها وفرض سيادتها براً وبحراً وجواً، لذلك فإن قرار تطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح، وتأهيل وتدريب وإعداد عصرى للمقاتل المصرى ارتكز على بناء منظومة ردع فائقة قادرة على الوصول إلى ما يهدد الأمن القومى المصرى فى أى مكان بالقدرة على الوصول إلى الأهداف المعادية ودحرها والقدرة أيضاً على الوصول إلى أعماق من يفكر فى المساس بأمن مصر القومى، ومنظومة الردع المصرية هى أكبر من توقع أو خيال الجميع، وهو احتياج وجودى لحماية مصر وأمنها القومى من التهديدات والأطماع والمخططات.
ثانياً: بناء القدرة الشاملة التى لا تتوقف على الشق الدفاعى والعسكرى والردع، ولكن أيضاً القدرة السياسية والاقتصادية وهو ما تحدث عنه الرئيس السيسى فى إحدى كلماته قائلاً: «إن مصر أصبحت تمتلك من الأدوات السياسية والقوة العسكرية والاقتصادية ما يعزز من إنفاذ إرادتنا وحماية مقدراتنا.. إن المساس بأمن مصر القومى خط أحمر لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى».. هذه الكلمات تلخص أهداف رؤية الرئيس السيسى فى بناء القدرة المصرية الشاملة والمؤثرة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والسؤال الذى كان يطرحه الخبثاء وبعض المرضى وأصحاب النوايا السيئة والمدفوعة: أين أنفقت أموال مصر وكان وقتها ما يبلغ 7 تريليونات جنيه، وهنا والآن الجميع فى ظل صلابة مصر وقدراتها المتنامية، أين ذهبت أموال مصر، لقد بنت القوة والقدرة الشاملة على أرضها لتحصين وجودها وأمنها القومى وتلبية احتياجات وتطلعات شعبها، وإنفاذ إرادتها، والقدرة الفائقة على التصدى للتهديدات والمخططات والأطماع فباتت فى أعلى درجات الثقة والاطمئنان والشموخ أنها دولة حديثة وقوية وقادرة تم بناؤها بالرؤية والإرادة والكفاح والتحمل والتفاف وطنى حول قيادة سياسية استثنائية، وطنية مخلصة طموحها بلا حدود، واستشرافها للمستقبل حمى الوطن من معارك تكسير العظام ومحاولات المساس بالأراضى والسيادة المصرية، وكذلك تأمين المشروع الوطنى المصرى لتحقيق التقدم والقوة والقدرة، وهو جزء من المعركة الحالية لأن قوى الشر فى العالم والإقليم ترى أن قوة وتقدم مصر ليس فى صالحها، وتصطدم مع مصالحها وجل أهدافها أن تبقى مصر مريضة محدودة، لا تمتلك الطموح لتحقيق آمال وتطلعات المصريين أو قيادة المنطقة ولكنها وجدت القائد العظيم الذى يمتلك الإرادة والرؤية والشرف الوطنى، وأبرز ما يميز هذه الرؤية، هو الاستثمار فى كل المميزات التى منحها المولى عز وجل لهذا الوطن سواء فى موقعها الإستراتيجى، وشواطئها الممتدة، أو امتلاك القدر الأكبر من الفرص، وهو ما ترفضه القوى المناوئة التى ترى ذلك تهديداً لمصالحها ومكاسبها.. لكن مصر تمتلك قرارها الوطنى المستقل، وتبنى الوطن، ولا تعتدى ولا تزاحم أحداً، ولا تطمع فى موارد أو ثروات أحد.
وأصل إلى بيت القصيد، فخلال اجتماع الرئيس السيسى أول أمس السبت مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ووزير الكهرباء واللواء أمير سيد أحمد مستشار الرئيس للتخطيط العمرانى والفريق أحمد الشاذلى رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة واللواء أحمد العزازى رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والعقيد الدكتور بهاء الغنام المدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، توقفت عند توجيه للرئيس السيسى بتسريع استكمال منظومة التغذية الكهربائية الإضافية المطلوبة لمشروع الدلتا الجديدة وللقطاع الزراعى بصفة عامة بما يضمن توافر المحاصيل الإستراتيجية لمصر فى ظل التقلبات الدولية، وهنا أقول إن هذه الرؤية العبقرية فى تأمين الأمن الغذائى المصرى، بل الأمن القومى بمفهومه الشامل بدأت وانطلقت قبل 11 عاماً وقادها الرئيس السيسى بإرادة صلبة.. الرئيس السيسى خاض معركة مصير لبناء مصر القوية القادرة لحماية وجودها ومقدراتها، ومواقفها وخطوطها الحمراء.