كلما كتبت نصيحة من النصائح الـ 15 التى وجهتها لاتحاد الكرة فى مقالات متتالية عسى أن نقضى على السلبيات التى تعانى منها الكرة المصرية، أجد ردود الفعل على السوشيال ميديا ومن المحيطين يقولون: لماذا تكتب ولا أحد يفعل أو يحاول تصحيح الأوضاع! والرد هو أن مهمة الإعلام هى توجيه النصيحة وإبراز السلبيات للمسئولين لأن الإعلام ليس جهة تنفيذية، ولهذا أستمر فى تقديم النصائح بالحلقة رقم 16 التى أتحدث فيها عن الدور السلبى لسماسرة الكرة على اللعبة فى مصر.
وقبل أن أستفيض فى وصف تلك النقطة ودور اتحاد الكرة لعلاجها يجب أن أوضح أن السماسرة أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من منظومة الكرة فى العالم بتعليمات الفيفا وأصبح اسمهم المتداول فى العالم «وكلاء اللاعبين» ولكن المشكلة أنهم فى مصر للأسف تحولوا إلى سماسرة أسوة بسماسرة الأراضى والعقارات، فأهم أولوياتهم هى المكسب المادى حتى ولو كان على أنقاض الكرة المصرية، وعلى أرض الواقع أغلبهم وجد أن فرصة المكسب السريع من هذه المهنة أكبر من مهن أخرى ربما فشلوا فيها.
قد يظن البعض أننى أطالب بالقضاء على عنصر من عناصر اللعبة شرعه الفيفا ولكنى أقصد هنا فقط أن يتحولوا فعليًا للمسمى الذى أطلقه الفيفا وهو وكلاء اللاعبين وليس سماسرة وأن يتم تقنين عملهم عن طريق الجهة الحاكمة للعبة وهى اتحاد الكرة.
شرع الفيفا منصب وكلاء اللاعبين كوسيلة ليتفرغ اللاعب أو المدرب تمامًا للملعب ولا يفكر إلا فى الأمور الفنية، وبعيدًا عن النواحى المالية أو الإدارية مع الجهات المختلفة بعد أن تحولت الكرة إلى صناعة وتحتاج من اللاعب والمدرب التركيز الشديد فى الملعب فقط طبقًا لقواعد الاحتراف.
فى الماضى وقت الهواية كان اللاعبون يديرون أعمالهم الخاصة بعيدًا عن الملعب بأنفسهم مما كان يهدر الكثير من الوقت الذى يحتاجه اللاعب فى عصر الاحتراف الحالى ليركز أكثر على الملعب وهى فكرة الفيفا من وجود الوكلاء.
ولكن الفيفا لم يكن يدرك أن فكرة وكلاء اللاعبين سيتم استغلالها بالشكل الخاطيء فى بعض الدول ومنها مصر، من أجل المكاسب المالية فقط للسماسرة ومن يتعاملون معهم من المسئولين فى الأندية، دون النظر لمصالح اللعبة التى حولها السماسرة إلى صراع من أجل المادة فقط.
السمسار همه الأول مصالحه الشخصية قبل أن يكون اللاعب الذى يتولى مهامه، وبالتالى من مصلحته أن يتنقل لاعبه من ناد لآخر بأسرع وقت ممكن كل موسم أو حتى بين الانتقالات الشتوية والصيفية حتى يحصل على نسبته باستمرار.
ثم تحول عمل السمسار إلى التحكم الكامل فى سوق الكرة، والتلاعب باللاعبين والأندية وهو الأمر الذى اصبح مثلاً سائدًا على مستوى المدربين فى الأندية، وبعض المدربين يشكون من أن عدم تعاملهم مع السماسرة هو السبب فى بقائهم بلا عمل.. فمن يدفع أكثر للسمسار سيكون صاحب السوق الرائجة من اللاعبين أو المدربين، لذلك فنحن نرى سنويًا نفس مجموعة المدربين تتنقل بحرية بين فرق الدورى ومن يرحل من هنا لفشله يجد مكانه هناك فى ناد آخر، وحتى مع وجود قرار من الإتحاد بأن المدرب الذى يستقيل من ناد لا يحق له العمل فى ناد آخر فى نفس الموسم، تم التحايل عليه بأن من يغادر يكون بسبب الاقالة وبالتالى يتحرك بحرية لمكان آخر.
السماسرة أيضًا هم من يشعلون سوق اللاعبين بين الأندية الكبرى عن طريق اقناع المسئولين فى مجالس الإدارات والذين يرتبطون معهم بعلاقات وطيدة وبعضها «تحت الترابيزة» بشراء لاعب ثم يتحولون إلى النادى المنافس لاقناعه هو الآخر بالدخول فى الصفقة وفى النهاية يصل سعر اللاعب إلى 10 أضعاف سعره الحقيقى وسرعان ما يثبت فشله، ولكن هذا ليس مهما للسمسار لأنه قبض المعلوم.
يجب على اتحاد الكرة أن يضع قواعد صارمة على عمل الوكلاء، أو بالأحرى السماسرة من أجل إيقاف تلك المهازل التى تستنزف ميزانيات الأندية وتشعل أسعار اللاعبين.. فهل نفعل
أفلح إن صدق!!