الشهامة.. هل هى غريزة داخل الإنسان.. أم طفرة تحدث تلقائياً عندما يجد شخصاً آخر ربما لا يعرفه.. فى موقف حرج.. يتعرض للسرقة أو الاختطاف.. أو أى اعتداء خارج أصول التعايش الاجتماعى بين الناس.. ربما يأتى هذا التعايش عندما يرى الإنسان نفسه فى ذات الوقت.. يبحث عن مساعدة من شخص نبيل.
نعم.. نعانى من ظاهرة سلبية.. تطفو على السطح.. ثم تختفى قليلاً.. وتظهر فى مكان آخر.. وأخشى أن يعتاد عليها الجميع.. أعنى بها أولئك الشباب الذين يطاردون المارة الآمنين.. للاستيلاء على موبايل.. أو نظارة.. أو حقيبة نقود.. أو غيرها.. يأتى مسرعاً على دراجة.. أو موتوسيكل.. ينتظر الفرصة المناسبة لينقض على الفريسة ويهاجمها ليخطف هذا الشيء ولا يهمه أن الشخص المعتدى عليه.. ربما يصاب بجرح كبير.. ولكن الحمد لله.. فى معظم الأوقات تتحرك الشهامة داخل شخص نقي.. يتدخل بسرعة لتصحيح الأوضاع وانقاذ الضحية.
ولأن الحياة علمتنى أن الصبر مفتاح الفرج وقوة التحمل تبعد عنا الأغبياء.. وتريح قلوبنا وتجعلنا نحترم ذاتنا وتجبر الآخرين على تقديرنا.. ونثق أن جمال الحياة فى الصدق والعمل الصالح فتقبلها بحلوها ومرها.
وصدق أجدادنا حينما قالوا:
طول ما أنت صافى جواك
رب العباد حيكون معاك
الحمد لله.. عاد حق جارى الشهير بالشهامة ومساندة من يقع فى هذا الموقف الصعب بعدما تعرض لمؤامرة دهس فى حينا الهادئ بعد أن اصطدم به شاب يقود دراجته مسرعاً.. متهوراً، وبرعونة فى القيادة.. رصدت هذا المشهد المؤلم وأنا فى طريقى لعملى صباحاً.. وألهم الله جارى بالقفز بعيداً عن طريق الشاب المستهتر مما خفف من وقع الصدمة وكتب الله السلامة.
والأغرب.. أن ما حدث جاء تأثيره لهذا الشاب الأرعن بالضحك بطريقة هستيرية تدعو للدهشة والعجب.. وهو يهرب مسرعاً بعيداً عنا حتى توارى عن الأنظار.. لإرادة الله.. ولا كتب هذا المكروه على أحد مرة أخري.
ولأن الحق لا يضيع.. بعدها بأيام.. رأيت أحد البوابين ماسكاً بالشاب نفسه ويضربه بقسوة، ودفعنى فضولى الصحفى لمعرفة الأسباب.. وعندما سألته؟.. أجاب أنه شاهده يحاول سرقة «كامل» الكهرباء الخاص بالفيلا التى يقوم بحراستها.. واقترحت عليه أن يزيده ضرباً لأنه مشروع «لص» وإرهابى فى المستقبل..ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى رأيت «كابل» الكهرباء تم اخفاؤه تحت الأرض بعد أن قام «البواب» المخلص بهذا العمل متطوعاً خوفاً من سرقته على يد مثل هذا الشاب المهتز نفسياً.
القضية.. وغيرها تحتاج إلى الانتباه الشديد.. وكلنا متضامنون وشركاء فى المسئولية للحفاظ على أمننا واستقرارنا وسلامة مجتمعنا.. والبداية من الأسرة والمدرسة والجامعة والكنيسة والمسجد وكل مؤسساتنا التربوية.. وعلينا أن نتعلم أنه لا فرق بين غفير ووزير إلا بالتقوى والعمل الصالح وحان الوقت لزيادة درجة الوعى بيننا دون تفرقة بين الجميع.. وعدم المحاباة أو المجاملة وتطبيق العدل ومبدأ الثواب والعقاب والضرب بيد من حديد فوق رءوس المنحرفين والمستهترين والمتعجرفين بتطبيق اللوائح والقوانين.. وقبلها أؤكد للآباء والأمهات أن تربية الأبناء مسئولية.. والاقتراب منهم واجب.. احتووا الأبناء حتى ينشأوا على خلق.. أصحاء.. يفيدون المجتمع والناس.