يوماً بعد يوم تؤكد القيادة المصرية ثبات موقفها الداعم للقضية الفلسطينية منذ أن بدأت المأساة عام 1948 وحتى اليوم وان اختلف شكل هذا الدعم طبقاً لمراحل سير القضية الفلسطينية حيث بدأ بمشاركة الجيش المصرى فى حرب فلسطين وذلك لاستعادة الأرض لأصحابها ثم استمر طوال تلك السنوات والتى تحملت فيها مصر بسبب هذه القضية مرارة الهزيمة عام 1967 وعلى الرغم من ذلك لم تتخل مصر عن هذا الدعم وتلك المساندة وأصبحت مصر هى الملاذ الآمن لأعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطينى وقدمت لهم الحكومة المصرية كافة التسهيلات الحياتية خاصة فى مجال التعليم حيث يتم وحتى يومنا هذا معاملة الطالب الفلسطينى بنفس معاملة الطالب المصرى.
طوال تلك العقود كانت اسرائيل تتفنن فى الوصول الى أى نتائج يترتب عليها القضاء على القضية الفلسطينية سواء بالعنف أو من خلال علاقاتها الدولية مع العديد من دول العالم وأهمهم على الاطلاق الولايات المتحدة الأمريكية التى تعتبر اسرائيل ابنتها الصغرى فى الشرق الأوسط وجميعنا يعرف تلك العلاقة بينهما والتى كانت تظهر بشكل واضح كلما تعرضت اسرائيل لعمليات فدائية أو ادانات سياسية فى بعض المحافل الدولية حيث كانت تستخدم حق الفيتو لاجهاض أى قرار يدين السياسة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى الشقيق.
ويستمر هذا المسلسل بين العدوان والمعاناة الى أن جاء يوم السابع من أكتوبر 2023 الذى اندلعت فيه الحرب بين حركة حماس واسرائيل والتى استمرت مدة خمسة عشر شهراً ومن وجهة نظرى فان هجوم حماس لم يستغرق سوى أيام قليلة أعقبها رد فعل عنيف من الجيش الاسرائيلى سحق فيه الآلآف الشهداء وأتى على الأخضر واليابس وتم تدمير ما لا يقل عن 70 ٪ من قطاع غزة علاوة على جميع مقدرات الحياة فيها وللأسف فقد ساعد هجوم حماس تنامى فكرة تهجير أبناء قطاع غزة من أراضيهم الى أقرب الدول له وهى مصر والأردن وتم الترويج لهذا المخطط وتبنته حليفتها الرئيسية بكل ثقل ودعم سياسى ولوجيستى بل أن بعض دول المنطقة كانت تؤيد هذا التوجه ولكن بشكل غير معلن.
هنا جاء الصوت المصرى جريئاً وواضحاً وجلياً بالرفض التام لهذا المخطط عندما أعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى جميع لقاءاته واتصالاته مع زعماء العالم بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنه المسئول الأول عن الأمن القومى المصرى وعلى الحفاظ على أمن مصر وسلامتها وأيضاً على الشعب الفلسطينى وتبنى قضيته وأخذ على عاتقه جمع الصف العالمى والعربى لاتخاذ موقف رافض لتهجير الشعب الفلسطينى وتصفيه القضية الفلسطينية برمتها.
كانت مصر هى البوابة الرئيسية الوحيدة لادخال المساعدات الانسانية للأراضى الفلسطينية على الرغم من الاعتداءات الاسرائيلية على منفذ رفح البرى والاستيلاء على الشريط الحدودى بين مصر وغزة ومع ذلك استمرت محاولاتها الانسانية لدرجة انها استخدمت الطائرات المروحية لذلك…. وقد حاولت بعض الأبواق المعادية الترويج الى أن مصر تتسبب فى معاناة أهل غزة برفضها فتح المعبر الا أن الأيام أثبتت سلامة الموقف المصرى الرافض لاستيلاء اسرائيل على هذا المنفذ من الجانب الفلسطينى…. وفى ابريل من العام نفسه كانت مصر أول من تقدمت بمقترح وقف اطلاق النار بين الجانبين بهدف ادخال المساعدات الى غزة وكانت اسرائيل تضع العراقيل لعدم اتمام هذا المقترح الى أن بدأت الأمور تأخذ منحى جديد فى أعقاب تولى الرئيس ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية حيث التزمت اسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة بعد تدميره بشكل شبه كامل وكذلك الانسحاب من معبر رفح واعادة ادارته للجانب الفلسطينى وبدأت عمليات ادخال شاحنات المساعدات الى قطاع غزة …. ورغم ذلك فان اسرائيل بل وأمريكا لم تتخلى عن فكرة تهجير الشعب الفلسطينى الى مصر والأردن تمهيداً لتصفيه القضية الفلسطينية بالكامل…. ومرة أخرى جاءت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتؤكد أن الموقف المصرى تجاه القضية الفلسطينية يرتكز على أسس وثوابت أخلاقية وتاريخية قاطعة تجاه القضية الفلسطينية حيث أعلن رفضه الكامل للتهجير القسرى للفلسطينيين ولا توطينهم فى سيناء ولا تحويل القضية من قضية شعب يسعى الى تقرير مصيره وفقاً للقوانين الدولية الى مجرد مسألة انسانية لشعب أفتقد كافة مقومات الحياة حتى البسيطة منها.. جاء موقف الرئيس ليعبر عن صوت الشعب المصرى بمختلف فئاته وانتماءاته الرافضة لدعوات ترحيل الفلسطينين من أراضيهم حيث عبرت فئات الشعب المصرى عن حالة الغضب الشديد والرفض والادانة الواضحة لتلك المحاولات وهو ما يؤكد أن القضية الفلسطينية سوف تظل دائماً فى وجدان وضمير الشعب المصرى الأصيل وقيادته الرشيدة.
لقد أثلج الرئيس عبدالفتاح السيسى صدورنا عندما أعلن مؤخراً أن مصر لن تشارك فى ذلك الظلم الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى مثلما حدث فى السابق عندما تم تهجير آباء وأجداد الشعب الحالى تحت ذريعة التطوير والتحديث للأراضى التى كانوا يقيمون فيها الا انه لم يسمح لهم بالعودة مرة أخرى واكد ان ذلك لن يتكرر مرة أخرى بل ان مصر عازمة على مواصلة جهودها للتوصل الى السلام المنشود فى المنطقة والقائم على حل الدولتين واقامة دولة فلسطينية بحقوق تاريخية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليعيش المواطن الفلسطينيى والاسرائيلى جنباً الى جنب ويتحقق الأمن والسلام لكل منهما.
هذه هى مصر وهذا هو شعبها وهذا هو قائدها الذى يتحدث بصوتنا وضميرنا دائماً ….انه صوت الشعب المصرى.