قبل 43 عاما وفى مثل هذا اليوم فى العام 1982، استعادت مصر أرض سيناء كاملة، بعدما كتب أبطال القوات المسلحة المصرية ملحمة من التضحية والفداء فى حرب السادس من أكتوبر عام 1973 وارتفع عَلم مصر عاليًا خفاقا فوق سيناء العزة والكرامة، بعدما نجحت الدبلوماسية المصرية التى قادها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، ونجحت الخبرات القانونية المصرية فى التأكيد على حقوق مصر فى أرضها.
وجرت فى نهر الحياة المصرية مياه كثيرة ..حتى قامت أحداث الخامس والعشرين من يناير عام 2011، حيث فتحت الباب واسعا أمام عناصر الإرهاب الذين أجمعوا أمرهم وجاءوا من كل حدب وصوب، واتخذوا من الأرض المباركة مكانا يمارسون منه أعمالهم الإجرامية، وارتفعت وتيرة الأعمال العدائية ضد الحياة والأحياء بعدما قام المصريون بثورة الـ «30» من يونيو رفضا لممارسات جماعات الإرهاب والدم، وحينها انطلق غربان الخراب ينعقون فى كل مكان بالتدمير والتفجير، ووقف أبطال القوات المسلحة ورجال الشرطة المصرية ومعهما أبناء سيناء الشجعان يدافعون عن أرضهم، وارتوت سيناء مرة ثانية بدماء هؤلاء الأبطال فى معركة جديدة رافعين شعار جيشنا الوطنى: «النصر» وتطهير سيناء أو الشهادة، واستطاع خير أجناد الله فى الأرض تطهير الأرض المباركة من دنس الإرهاب والتطرف، وأشرقت شمس سيناء صافية لا يحجب ضوءها أصحاب الأفكار المنحرفة أو العقائد الفاسدة.
والتاريخ لا ينسى ففى 24 نوفمبر 2017، ارتكبت يد الإرهاب الآثمة واحدة من أبشع جرائمها، عبر مهاجمة مسجد الروضة مركز بئر العبد شمال سيناء، خلال أداء صلاة الجمعة، ما أسفر عن استشهاد 300 مواطن من أهالى بئر العبد، بعدها انطلق رجال مصر فى معركة اقتلاع الإرهاب من جذوره، وأعلن الرئيس السيسى إطلاق «العملية الشاملة سيناء فى التاسع من فبراير 2018، وبدأ تنفيذ «العملية الشاملة سيناء 2018» ميدانيًا فى مناطق وسط وشمال سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر، والظهير الصحراوى غربى وادى النيل، حيث استهدفت البؤر والأوكار ومخازن الأسلحة والذخائر التى تستخدمها العناصر الإرهابية كقاعدة لاستهداف قوات إنفاذ القانون والأهداف المدنية بوسط وشمال سيناء.
وكانت «العملية الشاملة سيناء 2018»، بمثابة حرب شاملة على الإرهاب على مختلف الاتجاهات، وحققت القوات المشاركة فى «العملية الشاملة سيناء» نجاحات كبيرة فى تفكيك بنية التنظيمات الإرهابية والأوكار الإجرامية، وقطع خطوط الإمداد والتموين، ومحاصرة العناصر الإرهابية، ليس فى سيناء وحدها، بل فى جميع المحافظات، كما نجحت فى تأمين كافة المنافذ الحدودية للدولة، والأهداف الحيوية داخل المحافظات المصرية، بجانب استهداف قيادات التنظيم الإرهابى فى شمال ووسط سيناء، وتدمير كافة البؤر الإرهابية المكتشفة، والقبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية والمطلوبة جنائيًا.
كانت الحرب المقدسة ضد الإرهاب هى النقطة الفارقة التى أثبتت أن مصر لن تقبل بأن تفرض جماعات الخراب رأيها وأن جيشها لن يسمح لأحد بأن يمس تراب وطنه مهما كان الثمن.. نجحت الحرب ضد الإرهاب وقضت على البؤر الإرهابية وفرضت السيطرة الكاملة على أرض سيناء بفضل إرادة أبناء مصر من أبطال الجيش والشرطة وتضحياتهم الغالية.
انتهاء الإرهاب
وفى يناير 2023، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بعيد الشرطة، أن مصر أصبحت خالية من الإرهاب، بعد عشر سنوات من محاربته، مؤكدًا أن البلاد دفعت ثمنًا باهظًا لذلك.
ومع حرب التطهير كانت معركة البقاء تتواصل بكل قوة حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى ضرورة تنمية سيناء بمشروعات قومية عملاقة فى مجالات البنية التحتية والإسكان والزراعة والتعليم والصحة، لتنتقل سيناء من ساحة صراع ومنطقة عدم استقرار إلى واحة أمل ومستقبل، مقررا وضع شبه جزيرة سيناء على خارطة التنمية الشاملة والاستثمار، ضمن خطة غير مسبوقة لتعمير سيناء وجعلها منطقة جاذبة للمستثمرين والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات، وتنمية محافظات القناة باعتبارها حلقة الوصل بين سيناء وباقى محافظات الجمهورية من خلال تنفيذ مشروعات قومية وتنموية عملاقة تضمنت إنشاء مناطق ومجمعات صناعية وزراعية وتعدينية، ومجتمعات عمرانية حديثة، ومد الطرق والجسور والأنفاق، إضافة إلى الاهتمام ببناء الإنسان وتوفير كل سبل العيش الكريم له على الأصعدة كافة.
شهدت سيناء خلال السنوات العشر الماضية جهوداً تنموية غير مسبوقة وبناء كامل ترجم الإرادة السياسية الواضحة فى تعمير هذه الأرض.
فقد تعامل الرئيس السيسى مع تنمية سيناء باعتبارها قضية أمن قومى لا مجال للتهاون بشأنها، ووضع الرئيس السيسى تنمية سيناء على رأس أولوياته نظراً لأهميتها الاستراتيجية، وخلال السنوات الــ«10» الماضية نجحت الدولة المصرية فى خلق واقع متميز وملموس على أرض سيناء بعد أن عكفت على إدماجها فى قلب عملية التنمية الشاملة ، حيث تعتبر شبه جزيرة سيناء محوراً أساسياً ضمن إستراتيجيات التنمية المستدامة للجمهورية الجديدة، وأحد أهم أركان الاقتصاد المصرى بما تمتلكه من موارد ومقومات طبيعية وبشرية، لتشهد أرض الفيروز خلال السنوات الماضية قفزات ملموسة فى تحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل وبناء الإنسان والارتقاء بالخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، علاوة على تعزيز الاستثمارات فى القطاعات الحيوية وربط بوابة مصر الشرقية مع محافظات الجمهورية، وذلك من خلال تضافر الجهود الحكومية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وبلغ حجم ما انفقته مصر فى تعمير سيناء ما يزيد على 1.2 تريليون جنيه منها 800 مليار جنيه مشروعات تم تنفيذها، واستهداف مشروعات بـ400 مليار جنيه خلال الفترة المقبلة لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مشروعات عملاقة تبدأ من أنفاق قناة السويس امتدادا إلى الطرق والمحاور التى تمتد إلى شمال ووسط وجنوب سيناء إضافة إلى تطوير الشريط الساحلى والموانئ وشق الأنفاق أسفل قناة السويس.
مشروعات التنمية
وارتفع إجمالى الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ مشروعات فى سيناء ومدن القناة نحو 10 أضعاف لتصل إلى 58.8 مليار جنيه عام 2024، مقارنة بـ5.9 مليار جنيه عام 2014، فضلاً عن 377 فرصة استثمارية متوفرة على الخريطة الاستثمارية بمختلف الأنشطة منذ إنشاء الخريطة عام 2018، و180 فرصة صناعية، كما تم افتتاح 3 مراكز لخدمة المستثمرين بتكلفة 212.7 مليون جنيه لخدمة 7.5 ألف شركة، كما قدم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر قروضاً بقيمة 2.4 مليار جنيه حتى فبراير 2024، ساهمت فى تمويل 56.2 ألف مشروع ساعد على توفير 97.5 ألف فرصة عمل، وقامت الدولة بإنشاء مشروعات الطرق وأنفاق وكبارى عائمة، وأنفاق أسفل القناة لربط سيناء بمدن القناة بتكلفة 35 مليار جنيه، وصل عددها 6أنفاق، كما تم تنفيذ 5000 كم من الطرق والأنفاق ورفع كفاءتها وإنشاء 7 كبارى عائمة للعبور أعلى الممر الملاحى للقناة بتكلفة 990 مليون جنيه، وتطوير 8 موانى بحرية وإنشاء وتطوير 3 موانى برية، بينما تتضمن مشروعات السكك الحديدية، مشروع الخط الأول للقطار الكهربائى السريع (السخنة – العلمين – مرسى مطروح) بطول 675 كم ويشمل 21 محطة، وخط السكة الحديد (الفردان – بئر العبد – العريش – طابا) بطول 500 كم، وجار تنفيذ المرحلة الأولى من الفردان حتى بئر العبد بطول 100 كم، علاوة على ما تشمله مشروعات الطيران حيث تم وجار تطوير 6مطارات جديدة، بجانب إنشاء مطار البردويل على مساحة 320 ألف م2.
وداعًا العشوائيات
عمران وتنمية فى كل القطاعات فعلى صعيد الإسكان الاجتماعى وتطوير العشوائيات، تم تنفيذ 48.2 ألف وحدة إسكان اجتماعي، وتنفيذ 54.5 ألف وحدة إسكان اجتماعى لتطوير العشوائيات حتى أصبحت سيناء ومدن القناة خالية من العشوائيات غير الآمنة، وتنفيذ 4259 بيتاً بدوياً، وإنشاء 18 تجمعاً تنموياً بمحافظتى شمال وجنوب سيناء و17 أخرى يجرى تنفيذها.
وفى مشروعات الصرف الصحى ومياه الشرب، تم تنفيذ 55 مشروعاً لمياه الشرب بطاقة 697 ألف م3 /يوم، كما تم تنفيذ 49محطة تحلية مياه، مما أدى إلى زيادة نسبة تغطية مياه الشرب إلى 94 ٪ عام 2024، علاوة على تنفيذ 79 مشروعا للصرف الصحى بطاقة 565 ألف م3/ يوم، مما ساهم فى زيادة نسبة تغطية شبكات الصرف الصحى إلى 78 ٪ عام 2024.
الأراضى المستصلحة
وفى مجال الزراعة بلغت نسبة زيادة مساحة الأراضى المستصلحة والمنزرعة 176.7 ٪ لتصل المساحة الإجمالية له 1.1 مليون فدان، بجانب إنشاء 18 تجمعاً زراعياً بإجمالى 2122 أسرة مستفيدة، وتنفيذ 13 مشروعاً لمعالجة مياه الصرف الصحى والزراعى بطاقات 7ملايين متر مكعب يومي، أبرزها محطة معالجة مصرف بحر البقر بطاقة إنتاجية 5.6 مليون م3/ يوم لزراعة 456 ألف فدان بسيناء، ومحطة معالجة مصرف المحسمة بطاقة إنتاجية مليون م3/ يوم لزراعة 50 ألف فدان، واستكمال البنية الأساسية بالكامل لمآخذ مياه الرى بترعة الشيخ جابر لاستصلاح 90 ألف فدان بمنطقة رابعة وبئر العبد، والانتهاء من 300 ألف فدان من الأراضى الجديدة ضمن المرحلة الأولى لمنظومة الرى الحديث، وتأهيل وتبطين 174 كم من الترع بمحافظتى الإسماعيلية وبورسعيد وشهدت سيناء إطلاق مشروعات الاستزراع السمكى لأكثر من 8 آلاف حوض ضمن مشروعات هيئة قناة السويس والفيروز والديبة للاستزراع السمكي.
كما تم إنشاء منظومة تعليمية متكاملة لأهالى سيناء ومدن القناة، حيث بلغت نسبة زيادة عدد المدارس 22.3 ٪ حيث وصل عددهم إلى 3094 مدرسة علاوة على زيادة عدد المقيدين بالمدارس بنسبة 40.1 ٪، حيث وصل إلى 937.8 ألف، وإنشاء 7 مدارس يابانية لأول مرة فى سيناء ومدن القناة، وإنشاء 4 مدارس تكنولوجية تطبيقية، ومد كابلات الفايبر لـ 138 مدرسة ثانوية، علاوة على توزيع 116.1 ألف جهاز تابلت لطلاب المرحلة الثانوية، وفيما يخص التعليم الجامعي، فقد بلغت نسبة زيادة عدد الجامعات الحكومية والخاصة 50 ٪، حيث بلغ عددهم 6جامعات حكومية بجانب 4 جامعات أهلية تم إنشاؤها وبدء الدراسة بها لأول مرة.
منطقة جاذبة
التنمية امتدت إلى المشروعات السياحية والثقافية، بعد تطوير قصر ثقافة شرم الشيخ وقصر ثقافة العريش، وإنشاء متحف شرم الشيخ، وإعادة افتتاح متحف آثار الإسماعيلية، ومتحف السويس القومي، بجانب التطوير الشامل لمدينة شرم الشيخ لتحويلها إلى مدينة سياحية مستدامة بيئياً، وإنشاء ممشى أهل مصر بمدينة طور سيناء، وإحياء مسار العائلة المقدسة الذى يبدأ من شمال سيناء، ومشروع التجلى الأعظم بمدينة سانت كاترين.
الطريق لا يزال طويلا حتى يتحقق الحلم المصرى بأن تصبح سيناء على قمة المدن الجاذبة للاستثمار فى المنطقة.. وكما نجح المصريون فى عبور ألغام الإرهاب وإبطال قنابل التكفير والتدمير..فسوف يكتب التاريخ مجددا أن سيناء مركز تجمع استثمارات العالم.
وهكذا حقق الرئيس السيسى وعده لأبناء أرض الفيروز وودعت سيناء الإرهاب وأصبحت نموذجاً للتنمية وكما وعد الرئيس السيسى فقد هبطت الطائرات فى مطار العريش لتعلن فرض إرادة الدولة وجاءت زيارة الرئيس السيسى مع الرئيس ماكرون إلى العريش لتؤكد رسالة الدولة للعالم أن سيناء آمنة مستقرة محمية ببطولة أبناء مصر وجيشها العظيم الذى حررها من الاحتلال وطهرها من الإرهاب ويعمرها بالتنمية والبناء.