مصر دولة كبيرة وعظيمة، تتمتع بالقوة والقدرة، والشموخ غير قابلة للكسر أو الخضوع تتخذ قراراتها ومواقفها، بإرادة حرة تعبِّر عن مصالح شعبها، وليست تابعة لأحد، ولا تتلقى تعليمات أو إملاءات من أى قوة فى العالم، ولديها الكثير من الأوراق والبدائل، وأيضا زاخرة بالفرص لذلك ليس من السهل اخضاعها أو تركيعها، ولا يجدى معها الحصار والضغط والتهديد نفعًا، تتحرك بعبقرية فى الكثير من الاتجاهات، وتؤدى مباريات الشطرنج السياسى باقتدار وبمهارات عالية، بفضل حكمة القيادة والحسابات والتقديرات الدقيقة فلا يمكن استدراجها واستنزافها، فهى تمتلك النظرة الاستباقية الكاشفة لما يدور ويجرى ويحاك قبل سنوات طويلة، وإذا قرأت ما يحدث فى المنطقة بعمق من صراعات واضطرابات ومخططات وصناعة خبيثة للأزمات، وتوتير متعمد لمناطق المصالح المصرية تجد أن الهدف من كل ذلك هو مصر، التى يراد ويخطط لإضعافها وعرقلة صعودها وتقدمها، وأيضا اجبارها وتركيعها من أجل قبول مخططات تتعارض مع مواقفها الشريفة، وثوابتها الراسخة خاصة فيما يتعلق برفض التهجير، لأنه يعنى بالنسبة للقاهرة تصفية القضية الفلسطينية والاضرار بالأمن القومى المصرى، ليس هذا فحسب ولكنها ترفض مخطط تهجير الفلسطينيين سواء إلى أراضيها أو إلى أى مكان فى العالم وجل أهدافها وجهودها فى بقاء الفلسطينيين على أرضهم واقامة دولتهم المستقلة والحصول على كامل حقوقهم المشروعة ومع صلابة هذا الموقف تتعرض مصر لحصار وضغوط رهيبة خاصة على المستوى الاقتصادى فى اتجاهات ومسارات مختلفة سواء فيما يتعلق باشعال التوتر فى البحر الأحمر، والتأثير على استقرار قناة السويس، وهو ما يتسبب فى خسائر تصل إلى 800 مليون دولار شهريًا وهو رقم كبير فى ظل تداعيات اقتصادية قاسية للصراعات الدولية والإقليمية كما أن محاولات عرقلة الاستثمارات إلى مصر رغم الفرص غير المسبوقة التى تملكها وهناك الكثير من المؤامرات على مصر تستهدف اجبارها على قبول مخطط التهجير وصياغة المنطقة بما يحقق المصالح «الصهيو ــ أمريكية» وبعض الشركاء الإقليميين.
أوراق مصر ونقاطها القوية، ليست فقط فى قدرتها العسكرية، وامتلاكها لمنظومة ردع حاسمة وامكانياتها ومقدراتها فى حماية أمنها القومى ومصالحها لكنها أيضا قدراتها الدبلوماسية وعلاقاتها القوية مع قوى العالم ومن خلال سياسات المصالح المشتركة والشراكات الاستراتيجية تمتلك مصر شبكة علاقات دولية مؤثرة بفضل قوة ورؤية الدبلوماسية الرئاسية التى اعادت مصر إلى مكانتها ودورها وثقلها الإقليمى والدولى، ولعلنا نقرأ فى الأيام الأخيرة الدور العظيم الذى تقوم به الدبلوماسية الرئاسية المصرية فى تحقيق المصالح المصرية ودعم المواقف المصرية، وكسب التأييد لها، وترفيع الشراكات الاستراتيجية التى تحقق الكثير من الأهداف والمصالح على كافة الأصعدة سواء تنسيق الرؤى والمواقف، أو الجوانب الاقتصادية وتحقيق الأهداف المصرية فى التطوير والتحديث والتوطين للصناعة وجذب الاستثمارات.
منذ أيام كانت زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للقاهرة واستمرت ثلاثة أيام حققت نتائج وأهدافاً وكانت حديث العالم وما شهدته من ترفيع للعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية وحجم وطبيعة التعاون بين البلدين فى الكثير من المجالات والقطاعات وتوقيع 10 اتفاقيات فى قطاعات مهمة.
والسبت الماضى شهدت القاهرة زيارة مهمة للغاية للرئيس الاندونيسى برابو وسوبيانو حيث وقع الرئيس السيسى ونظيره الاندونيسى على اعلان ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية وأيضا بحث تفعيل هذه الشراكة فى الكثير من المجالات خاصة التصنيع والتجارة والاستثمار والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأمن الغذاء والطاقة.
وإندونيسيا هى من أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا وعضو فى مجموعة العشرين ودولة صناعية واعدة ومصر أيضا بات لديها فرص زاخرة وواعدة وهى دولة الفرص كما وصفها الرئيس السيسى، وبالتالى فإن التعاون بين البلدين سيكون أكثر فاعلية، أضافة إلى تأكيد البلدين على رفض التهجير، ودعم خطة اعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين وبقائهم على أرضهم.. والأحد الماضى بدأ الرئيس السيسى جولة خليجية تشمل قطر والكويت وهى زيارة تحقق العديد من الأهداف خاصة دعم التعاون الثنائى مع الاشقاء، فى كافة المجالات مع وجود فرص مصرية هائلة للتعاون الاقتصادى وجذب الاستثمارات القطرية والكويتية.
«القاهرةــ الدوحة» يبذلان جهودًا كبيرة على طريق وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين وادخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين فى ظل الأوضاع الكارثية والحصار الخانق لذلك تسعى مصرــ وقطر للوصول إلى انهاء هذا العدوان وفك الحصار فى ظل ما يجمعهما من توافق فى الرؤى والمواقف وتنسيق الجهود وعلى الجانب الاقتصادى وبحث فرص التعاون.. وفى مستهل الزيارة حرص الرئيس السيسى على لقاء ممثلى مجتمع الأعمال القطرى بحضور الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرى، ودعا الرئيس السيسى خلال اللقاء رجال الأعمال القطريين إلى توسيع حجم استثماراتهم فى مصر مؤكدًا أن مصر تعد فرصة واعدة للمستثمرين والتأكيد على مميزات وقدرات ومقومات الاستثمار الناجح فى مصر، وهو الأمر الذى يدفع نحو وجود آفاق كبيرة للتعاون الاقتصادى بين البلدين الشقيقين واستغلال ما لدى مصر من فرص حقيقية، من خلال الاستثمار فى الكثير من المجالات والقطاعات.
الرئيس السيسى يبدأ زيارة مهمة للكويت الشقيقة وهناك علاقات تاريخية ذات خصوصية بين البلدين على كافة الأصعدة وهناك مواقف تاريخية متبادلة تزيد من قوة العلاقات والزيارة تأتى تأكيدًا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادى والاستثمارى وستكون هناك نتائج عظيمة لجولة الرئيس السيسى على كافة الاصعدة والمجالات.
مكاسب كبيرة ونجاحات دبلوماسية عظيمة حققتها «مصر ــ السيسى» فى تنوع يعكس قوة وقدرة الدولة المصرية حيث زيارات فرنسية (أوروبا) واندونيسية (آسيا) و(عربية) ممثلة فى جولة الخليج بزيارة قطر والكويت وليس فقط على الصعيد السياسى والدبلوماسى ولكن أيضا على الصعيدين الاقتصادى والاستثمارى لترصد عبقرية التحريك للأوراق المصرية، والدبلوماسية الرئاسية وتسويق ما لدى القاهرة من فرص ثمينة وعزيرة فى دولة الفرص الواعدة، وتجسيداً حقيقياً لقدرة القيادة السياسية على العبور بسفينة الوطن فى بحر التحديات والتداعيات الاقتصادية المختلفة لأزمات وصراعات إقليمية ودولية تمت صناعتها لمحاصرة الدولة المصرية لكنها لم ولن تفلح لأن هناك أوراقاً ومسارات وقيادة تقود مصر بحكمة وإرادة.