عاد المخرج الأمريكى ويس أندرسون ليخطف الأضواء مجددًا فى مهرجان كان السينمائي، حيث قدّم أحدث أعماله «الخطة الفينيقية» ضمن المسابقة الرسمية، بعد عامين من مشاركة فيلمه السابق «مدينة الكويكب» فى دورة 2023.. العمل الجديد حظى باستقبال حار، تُوج بتصفيق وقوف استمر 6 دقائق فى مشهد يؤكد المكانة الراسخة لأندرسون فى أروقة كان.
وشهد العرض لحظات مؤثرة، خاصة حين انفجرت دموع الممثلة الشابة ميا ثريبلتون، ابنة النجمة البريطانية كيت وينسلت، تأثرًا بالاستقبال الحار، فيما بدت الابتسامة تغمر وجهها وسط التصفيق المستمر. وكان أندرسون محاطًا بنجميه مايكل سيرا وبنيسيو ديل تورو، وفضّل الاكتفاء بتعليق موجز، قال فيه: «أستطيع تلخيص كل ما فى هذا الفيلم فى اثنتى عشرة كلمة: ريتشارد أيواد، ريز، ألكسندر، مايكل، ميا، جيفري، روبرت، بنديكت وبنيسيو ديل تورو». فى إشارة غير مباشرة إلى الممثل بيل موراي، الذى يؤدى ظهورًا قصيرًا فى الفيلم ، وألكسندر تلميحًا إلى الملحن الفرنسى ألكسندر ديسبلا، أحد أبرز شركائه الإبداعيين.
«الخطة الفينيقية» يدور حول قطب الأعمال الأوروبى الثرى زا زا كوردا، الذى يجسده ديل تورو، فيما تلعب ثريبلتون دور ابنته، الأخت ليزل، الراهبة التى تُشرف على تعليمها شخصية المعلم بيورن لوند التى يؤديها مايكل سيرا، فى أول تعاون له مع أندرسون. ويزخر الفيلم بحضور نخبة من نجوم هوليوود، من بينهم توم هانكس، براين كرانستون، جيفرى رايت، ريز أحمد، سكارليت جوهانسون، ريتشارد أيواد، ماثيو أمالريك، روبرت فريند، هوب ديفيس، وبنديكت كامبرباتش وجميعهم سبق أن شاركوا فى أفلام سابقة للمخرج.
ولم يقتصر بريق العرض على طاقم العمل، إذ حضر العرض أيضًا عدد من النجوم الذين لم يشاركوا فى الفيلم، مثل جوليان مور وإد نورتون. أما سكارليت جوهانسون، والتى استضافت برنامج «Saturday Night Live» مؤخرًا، فقد تغيّبت عن العرض الأول بسبب ارتباطها، إلا أنها ستحضر الثلاثاء لتقديم أولى تجاربها الإخراجية بعنوان «إلينور العظيمة».
أندرسون، الذى يُعد من المخرجين المفضلين لدى الفرنسيين، اتخذ من باريس مقرًا له، ويُعرف بدقته فى أدق التفاصيل. فقد حرص على أن يقيم طاقم عمله بالكامل فى فندق فاخر خارج مدينة إيز، بعيدًا عن صخب كان، لتوفير تجربة جماعية شاملة.
وعلى نفس المستوى تقريبا من حيث قوة الموضوع ومستوى النجوم المشاركين عرض فيلم «موتى ياحبيبتي» وخطفت النجمة جينيفر لورانس الأنظار بفيلمها الجديد فى أول بطولة لها تُعرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، وذلك إلى جانب النجم روبرت باتينسون، فى عمل درامى نفسى جريء يعالج موضوع اكتئاب ما بعد الولادة من منظور حاد وصادم.
الفيلم، الذى أخرجته الأسكتلندية لين رامزي، يمثّل محطة فنية فارقة فى مسيرة لورانس، إذ تقدّم من خلاله أداءً نفسيًا شديد العمق، ابتعدت فيه كليًا عن الأدوار التجارية التى اشتهرت بها فى العقد الماضي. ويُعد العمل من أبرز أفلام الدورة الحالية للمهرجان، حيث نال إشادات نقدية مبكرة وأثار حديثًا محتملًا حول موسم الجوائز.
من جانبه، أيّد باتينسون زميلته قائلًا: فيلم «موتى يا حبيبتي» مأخوذ عن رواية للأديبة الأرجنتينية أريانا هاروفيتش، ويستعرض تفكك امرأة تُدعى جريس بعد إنجابها، ومعاناتها النفسية فى ظل علاقة متوترة مع زوجها. تبدأ القصة بنفور داخلى صامت، يتطور لاحقًا إلى سلوكيات صادمة تتراوح بين الانهيار الجسدى والنفسي، فى أداء يتطلب شجاعة بالغة من لورانس، التى خاضت المشهد الأول من الفيلم فى مشاجرة مع باتينسون، بناءً على توجيه من المخرجة رامزي.
ورغم أن الفيلم ليس سهل المشاهدة، بسبب ما يحمله من محتوى نفسى ثقيل وتوترات عائلية خانقة، إلا أن أداء لورانس فيه يُعد من أكثر محطاتها نضجًا وتحررًا. فى مهرجان يُعرف بتكريسه للجمال والنجومية، نجحت لورانس فى تقديم وجه آخر للبطولة: بطولة المشاعر الخام، والانكسار الداخلي، وطرح قضايا إنسانية كالأمـــومة والهشاشة النفسية..ويبدو أن «موتى يا حبيبتي» سيكون أكثر من مجرد مشاركة لافتة فى كان، بل علامة على ميلاد فصل جديد فى مسيرة واحدة من أبرز نجمات جيلها.