إن ما تعيشه أمتنا العربية اليوم «2025» من صراعات وفتن الجماعات المتطرفة التكفيرية تجعلنا نتساءل دائما باحثين عن الاجابة الاعمق : من يخدم هؤلاء «التكفيريون الجدد» باعتبارهم كما نقول دائما «جماعات وظيفية» وليسوا «جماعات دينية»؟
إن هؤلاء «التكفيريين» ينطبق عليهم نصا وواقعا الآية الكريمة والتى يقول فيها الله جلّ جلاله «ومنهم مَن يقول ائذن لى ولاتفتنى، ألا فى الفتنة سقطوا، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين» سورة التوبة.
إن كل تجارب تلك الجماعات التكفيرية فى بلادنا العربية منذ بدايات الربيع العربى 2011 تصب فى هذا المعنى ؛ النفاق !
* لكن يظل السؤال التاريخى قائما: من يخدم هؤلاء «التكفيريون» طالما لايخدمون «الاسلام العظيم «؟ الاجابة الثابتة والدائمة أنهم يخدمون الدول والاجهزة المخابراتية الخارجية بهدف نشر الفوضى وتفتيت الدول وإسقاط الجيوش الوطنية تحت شعارات إسلامية زائفة؛ شعارات الاسلام منها براء
>>>
> وكثيراً ما أتوقّف أمام تلك الآية الكريمة متأمّلاً دلالاتها خاصة أنها نزلت فى المنافقين من المنتسبين إلى الإسلام وكان بعضهم يحيط بالنبى «صلى الله عليه وسلم» مدّعياً أنه صحابى جليل وهو ليس سوى منافق عتيد فنزلت عدّة آيات لتكشفهم وتفضح نفاقهم ودورهم التخريبى فى دولة الإسلام الناشئة.
اليوم ونحن نتأمّل سياسات ومواقف هذه الجماعات المتطرفة تجاه قضايا الأمّة وبخاصة قضية فلسطين، نجدهم قد ساهموا فى تضييعها بل وتضيع أراضى بلادهم بل وشاركوا العدو الرئيسى للأمّة فى إشعال نيران الفتن والحروب المذهبية والسياسية، ومارسوا الابادة الفعلية ضد الاقليات وذبحوهم!
هذه الممارسات والتجارب للجماعات التكفيرية بقيادة «الاخوان وداعش» تكشف لنا أن تلك الآية الكريمة نزلت فيهم تماماً مثلما نزلت فى أجدادهم السابقين، بل إنهم لم يكتفوا من خلال تجاربهم الفاشلة أوتلك التى ستفشل حتما رغم ضجيج بعض الفضائيات وتأييدهم الخبيث لهم! لم يكتفوا فقط بالفتن والمذابح بل قاموا بتقاسم تلك القتن، صناعة وترويجاً وتوظيفاً مع أعداء الامة المعروفين تاريخيا خدمة لاستراتيجية أمريكية – غربية واحدة «وإسرائيلية طبعا» كليهما يعمل فيها، هذا الأمر يدفعنا إلى التعمّق فى النظر قليلاً، لنكتشف أن أحد أبرز القواسم المشتركة بين تلك الجماعات التكفيرية واعداء الامة التاريخيين هو نشر الفتن المذهبية والطائفية بين أبناء المنطقة ولعلّ ما قامت به تلك «الجماعات التكفيرية من الاخوان الى داعش مرورا بالنصرة!» خلال سنوات الربيع العربى المزعوم ما يؤكّد ذلك.
>>>
هذا ويحدّثنا التاريخ الحديث للامة خلال السنوات الماضية أن كل من هذه الجماعات التكفيرية والكيان الاسرائيلى تميّز بالعنصرية ليس فحسب تجاه المنطقة العربية والإسلامية المحيطة بهم، بل امتد الأمر إلى أطراف فى داخل الكيانين، فنجد فى الداخل الإسرائيلى على سبيل المثال تمايزاً بين اليهود أنفسهم حيث يتصدّر يهود أوروبا «واليمين المتطرف !» المقام الأول لأنهم القلّة المختارة والصفوة صاحبة المشروع منذ بدايته ويأتى اليهود ذوى الأصول الشرقية و»الفالاشا» وحتى اليهود الروس القادمون بعد إتمام المشروع فى مراتب متدنيّة، ويشكّل هؤلاء حلقات تعانى من التمييز والدونيّة التى تعبّر عن ذاتها فى الإقصاء والابتعاد عن دوائر صنع القرار السياسى والاقتصادي.
ويبقى عرب 1948 داخل الخط الأخضر نموذجاً صارخاً على عنصرية الكيان الصهيونى وطائفيته وتمييزه على أساس العرق والدين ولعلّ ما جرى مؤخراً من تمييز فاضح ضدّ الدروز الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية «رغم ضجيج نتنياهو إزاء دروز سوريا وهو ضجيج باطل حتى إن وليد جنبلاط ذاته – القائد الدرزى اللبنانى المعروف- فضحهم ورفض الحماية الاسرائيلية له!» كل ذلك يؤكّد تلك النزعة العنصرية تجاه مكوّنات هذا الكيان من غير اليهود ، والذى كرّسه أكثر قانون يهودية الدولة والذى أصدرته إسرائيل فى شهر يوليو 2018 ، وأثار فى حينها ردود فعل واسعة .
> هذا هو نفس ما تفرضه التنظيمات والجماعات المتطرفة خاصة تلك التى وصلت أو بمعنى ادق أوصلتها المخابرات الغربية والاقليمية لحكم بعص بلادنا المنكوبة بهم ! فمارست الابادة والمذابح الجماعية فى اليوم التالى لحكمهم.
> ان هذا التشابه فى العنصرية المذهبية وروحية العداء للمذاهب والطوائف الأخرى هو الرابط المشترك للأسف بين التكفيريين وأعداء الامة التاريخيين ولقد زادت هذه الايام حدّة وقسوة، خاصة عندما وصل بعضهم لحكم بعض البلاد المبتلاة بهم !
>>>
> نحسب أن هذا الصراع المذهبى المُفتَعل سيستمر، إلا إذا استفاق العرب والمسلمون على حقيقة أن المستفيد من هكذا صراع هو تلك «الجماعات المتطرفة والتكفيرية» و»أعداء الخارج وإسرائيل» وهؤلاء التكفيريون لا يستطيعون العيش والحكم والهيمنة الا فى مناخ من الفوضى والعنصرية وأن مشغليهم فى الخارج لا يهدفون الى استقرار المنطقة ونهوضها وإن ادعوا غير ذلك ودائما هم يهدفون الى نشر الفوضى والمذابح والدم باسم الاسلام.. والاسلام بريء منهم ! وعلينا أن ننتبه جيدا لدورهم وخلاياهم النائمة فى بلادنا!
حفظ الله أمّتنا من مُكرهم وشرورهم.