ستظل مصر بخير دائمًا وأبدًا
> الشهامة.. المروءة.. الإقدام.. الشجاعة تلك خصال باتت لا تتواجد لدى الكثيرين فى زمن طغت فيه المادة على كل شىء وصارت «الأنا» هى الغالبة فى تعاملات البشر وبعضهم البعض وصار الشائع بين الناس فى غالبيتهم مبدأ «أنا وبعدى الطوفان».. كل هذه الانزواء أدى بنا فى نهاية المطاف إلى وجود نوع من جدار العزلة أقيم بين البشر للدرجة التى جعلت الصلات سواء بين الأرحام أو صلات الجيرة تكاد تكون منقطعة فى كثير من الأحيان فلم نعد نرى قواسم المودة والمحبة التى كانت سائدة فى أجيال الآباء والأجداد وكيف كان الرجل يمد يد العون لأخيه دونما طلب من الأخير.. للدرجة جعلتنا جميعًا نشعر بأننا أسرة واحدة نعيش فى عدة أماكن.. ولكن مع تغير الزمن وأسلوب الحياة فيه بدأت العزلة تفرض نفسها وبقوة داخل المجتمعات وصار الواحد منا يعيش مع نفسه وحيدًا حتى داخل الأسرة الواحدة تظهر بوضوح هذه العادة السيئة فكل فرد فيها يعيش عالمه الخاص به دونما شعور بما يدور حوله أو حتى مشاركة باقى أفراد وأسرته فى السراء أو الضراء.
هذه المقدمة التى أطلت فيها قليلاً كانت ضرورية كى أتناول المحور الرئيسى لهذا المقال الذى أتحدث فيه عن شخصية غير معروفة لنا جميعًا اللهم حين قام صاحبها بهذا العمل البطولى الذى سوف يخلده التاريخ وتتذكره الأجيال الجديدة جيلاً بعد جيل.
إنه سائق الشهامة والبطولة والتضحية بالنفس «خالد عبدالعال» الذى لم يكن يعلم أن عمله سوف يتحول إلى ملحمة بطولة وإلهام للكثيرين.. فداخل محطة وقود بالعاشر من رمضان بينما كان يؤدى عمله كسائق اندلعت النيران بشكل مفاجىء فى شاحنة وقود كان يقودها.. لحظة فارقة فى حياة أى إنسان «خالد» رمز الشهامة والمروءة لم يفكر ولو لحظة واحدة فى سلامته الشخصية انطلق بكل ما أوتى من قوة ونبل واعتلى عجلة القيادة وانطلق بالشاحنة المشتعلة بعيدًا عن المنطقة المكتظة بالمواطنين متحديًا النيران التى كانت تلتهم سيارته بسرعة مذهلة كان قراره يمثل واحدة من صور الفداء التى قل أن تجد لها نظيرًا فى أيامنا تلك.
نجح الرجل فى انقاذ حياة المئات من سكان المنطقة بعد أن أصيب هو بحروق من درجات متقدمة ورغم ذلك ظل وهو يعانى من هذه الحروق يشير بكلتا يديه للسيارات العابرة حتى تتجنب الاقتراب من الشاحنة المشتعلة.. بعدها نقل البطل الشهم إلى أحد مشافى الحروق بالقاهرة وظل بها بعض الوقت إلى أن قضى نحبه بالمستشفى.. خبر وفاته لم يكن مجرد نبأ عابر بل صدمة عظيمة هزت أرجاء مصر كلها خاصة وأنه كان معروفًا بحسن خلقه بين أهل قريته ورجولته ومساندته للصغير قبل الكبير.
الدولة من جانبها عبرت عن خالص تعازيها لأسرة هذا البطل حيث نعاه رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى معتبرًا إياه رمزًا للفداء والبطولة.
هذه هى معادن المصريين التى تظهر وقت الشدة وهناك الكثير من المواقف أظهرت هذا المعدن الطيب سواء فى صورة فردية أو جماعية وحقا ــ وكما يقال ــ ستظل مصر بـ»خير» دائمًا وابدًا.