نال الشهادة ودعوات الملايين من المصريين
فى زمن ندر فيه أصحاب المواقف النبيلة، يخرج من بين صفوف البسطاء بطل حقيقى، يسطر اسمه بأحرف من نور فى سجلات الشرف والبطولة، إنه البطل المصرى شهيد الشهامة خالد محمد شوقى، مواطن مصرى بسيط، سائق شاحنة وقود من محافظة المنصورة، مواطن مصرى يحمل جينات التضحية والفداء يحمل قلبا شجاعا، وعقلا لم يعرف التردد فى لحظة فارقة بين الحياة والموت.
وقع الحادث فى مدينة العاشر من رمضان، حين اندلعت النيران فجأة فى شاحنة الوقود التى كان يقودها خالد، قرب محطة وقود مزدحمة فى وسط المدينة الصناعية، المشهد كان مرعبا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، واللحظة كانت كفيلة بتحويل المكان إلى كتلة من النيران تحصد الأرواح وتدمر الممتلكات، لكن خالد لم يهرب، لم ينج بنفسه خوفا على حياته وأسرته، بل قرر أن يضحى لإنقاذ الآلاف، واندفع بشاحنته المشتعلة مبتعدا بها عن المحطة قدر ما استطاع، غير آبه بالنيران التى تلتهم جسده، ولا بالألم الذى ينهش أطرافه.
لم يستطع جسد خالد مقاومة الحروق البالغة، ولكن إيمانه وتضحيته كانت كفيلة ودافعا له لاستكمال مهمته وإنقاذ أرواح المواطنين المتواجدين فى محيط محطة البنزين والمنطقة المحيطة بها، ضحى بحياته لكنه نال ما هو أعظم من الحياة ذاتها نال الشهادة ودعوات ملايين المصريين.
انتشرت قصة شهيد الشهامة البطل خالد الخالد، كالنار فى الهشيم، وأصبح رمز وطنى تناقلته وسائل الإعلام ومنصات مواقع التواصل الاجتماعى، وانهالت رسائل التقدير من كل مكان، بداية من السيدة انتصار السيسى قرينة السيد الرئيس التى قدمت واجب العزاء لأسرة الشهيد البطل، مرورا برئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى الذى كلف كلا من وزيرى البترول والتضامن الاجتماعى، بسرعة صرف مكافأة لأسرة البطل ومعاش استثنائى وإطلاق اسمه، على أحد شوارع مدينة العاشر من رمضان، تخليدا لذكراه، إضافة إلى منحة مالية عاجلة وسرعة صرف التعويض لأسرة البطل، علاوة على توفير فرصتى عمل بإحدى شركات قطاع البترول لفردين من أسرته، وإبرام بروتوكول تعاون بين وزارة البترول وجمعية الأورمان، يتضمن وديعة بقيمة مليون جنيه مصرى، يصرف عائدها الشهرى لأسرته والتكفل بالمصروفات التعليمية لابنته.
إن بطولة خالد لم تكن مصادفة، بل هى جزء أصيل من معدن الشعب المصرى، الذى أثبت عبر تاريخه الطويل أنه لا يبخل بدمائه دفاعا عن وطنه، من رجال القوات المسلحة والشرطة إلى المواطنين الشرفاء، ظل المصرى يقدم روحه فى صمت حين تقتضى الضرورة.
اليوم، ونحن نودع خالد إلى مثواه الأخير، لا نبكيه فقط، بل نحتفى به، ونتعهد ألا ننساه، يجب أن تخلد قصته ليظل قدوة ونموذجا يحتذى به للأجيال القادمة، رحم الله الشهيد البطل، وأسكنه فسيح جناته.