البكالوريا أو الثانوية العامة.. الطالب من حقه أن يختار.. هذا ما تم طرحه مؤخراً فى مجلس الوزراء ليجعل القرار بيد الطالب حتى يختار النظام الذى يناسبه.
الاختيار فى حد ذاته فكرة لاقت قبولاً عند الكثيرين من أساتذة التربية الذين يرونها حلاً للمشكلة وتمنع الخلاف والجدل حول النظام التعليمي..
صحيح أن البعض لديهم ملاحظات على نظام البكالوريا، والبعض الآخر يتخوف من أن يصبح الاختيار سبباً فى تشتيت الطلاب، لكن الغالبية يعتبرونها خطوة مهمة ويمكن أن تنهى تماماً على رعب الثانوية العامة الذى سكن عقول وبيوت المصريين، ولم يستطيعوا التخلص منه، وكثيرون يهربون منه إلى النظم الأجنبية.
جانب آخر من اساتذة التربية يرون أن الثانوية العامة حان الوقت أن تنتهى تماماً لأنها لم تضف للمجتمع سوى القلق والرعب دون أن تقدم طالباً مؤهلاً.
الدكتورة سهير عبد السلام عضو لجنة التعليم بمجلس الشورى ترى إن نظام اختيار الطالب بين نظام البكالوريا والثانوية العامة جيد لانه يمكن الأسرة من اختيار الأصلح وهذا من أهم ايجابياته أنه لا يفاجئ الأسرة المصرية بتغيير مسار أبنائها بدون تجربة عملية برؤية زملائه بخوض البكالوريا فترى الأسرة أن البكالوريا أفضل من خلال الممارسة العملية وأنها تتيح لهم فرصاً عديدة للنجاح والمجموع والحصول على درجات مرتفعة وكذلك من أهم مزاياه عدم وجود لغط مجتمعى أو مجال لترويج شائعات حول نظام البكالوريا الجديد لمن يريد الإبقاء على الوضع الحالي.
وأشارت إلى أنه دائما ما تكون هناك مقاومة شعبية فى الأسرة المصرية لإبقاء التعليم على ما هو عليه حتى اذا كان النظام به سلبيات أو قصور باعتبار أن أفضل من التغيير ولكن طرح النموذجين للاختيار يؤكد أن التغيير مطلوب وأن تجربة البكالوريا ناجحة كذلك نظام البكالوريا يعطى فرص لتحسين المجموع بما يحقق درجات أعلى لطلاب البكالوريا عن طلاب النظام التقليدى ومستوى تحصيل الدراسة والمواد سيكون أفضل فى نظام البكالوريا مما يؤهلهم للوصول للمرحلة الجامعية بمستوى أعلى من المعرفة والعلم.
فى المقابل د. سحر شوشان أستاذ مساعد المناهج والخبيرة التربوية تؤكد أنه لابد من وجود مبدأ موحد للتعليم ما قبل الجامعى حيث إن تقسيم الثانوية العامة على سنتين أو3 فرص للتحسين يحدث نوعاً من التعارف إضافة إلى أن نظام البكالوريا لم يضع آليات محددة للتحسين حيث إن دخول الطالب 4 محاولات مرهق مادياً وسيكون للمقتدر.
أضافت أن اتاحة الاختيار سينعكس على التنسيق بالكليات حيث سيوجد نوعان من التنسيق للثانوية الحالية والبكالوريا باستخدام التحسين مشيرة إلى امكانية اختيار أبرز المميزات وتطبيقها على أى من النظامين لاتاحة فرص للالتحاق بالجامعات.
مواجهة الدروس الخصوصية
د.حسن شحاتة استاذ طرق المناهج وطرق التدريس له رؤية مختلفة ويعتبر نظام الثانوية العامة اصبح من الماضى من حيث أهدافها فى تخزين المعلومات والحفظ والاستظهار ومشكلاته بجانب مثلث استنزاف الأسر بالدروس الخصوصية والسناتر والكتب الخارجية ومناهجها التى لا علاقة لها بالمقررات والتخصصات الجامعية بخلاف عدم ارتباطها بمهارات سوق العمل المتغيرة.
شحاته يتساءل عن كيفية الابقاء على نظام الثانوية العامة وكلنا نعلم انها لا تقدم للمجتمع شبابا يمتلك مهارات القرن الواحد والعشرين ولا يتناغم مع مطالب الجمهورية الجديدة ولا مع طبيعة العصر ورؤى المستقبل للبكالوريا المصرية التى ستكون شهادة لها مواصفات دولية من حيث الاهداف والبرامج التى تؤهل لسوق العمل والحوار و اذا لم تسانده الدولة لن يحقق الغاية منه لان ما يحكم الاباء والطلاب هو ان التعليم للامتحان وليس التعليم للحياة ناهيك عن جماعات الضغط الاجتماعى من اصحاب المصالح الفئوية المستفيدين من الوضع الحالى لنظام تعليم لا يقدم جديداً والمطلوب دعم من المجالس النيابية ومساندة البكالوريا المصرية باعتبارها تمثل تعليما عصريا يشكل شبابا جديدا للجمهورية الجديدة.
تعدد الأنظمة تراه الدكتورة ماجدة مصطفى عميدة كلية التربية الأسبق أن يخلق فروقاً فى النتائج والمجموع الذى يحصله الطالب ويحدث تشتتاً فى الأسرة المصرية التى تأمل أن تكون النتائج بمعايير مختلفة للقبول بالكليات والتى يجب أن يكون فيها التدعيم بأدوات مساعدة تؤهل الطالب للتميز فيها.
تشير ماجدة إلى ضرورة تقديم حل للمشكلات البديلة التى يجب حلها واى قرار يجب أن يكون بدراسة مسبقة حتى نتمكن من التعرف على السلبيات والعمل على تلاشيها وهذه من أسس البحث العلمى بأن يتم تطبيق أى نظام على شريحة من الطلاب والتعرف على السلبيات التى تظهر أثناء التطبيق للعمل على حلها وبعد ذلك يتم تعميم التجربة على باقى الطلاب.
ترى د. ماجدة ايضا أنه يجب عرض حلول الحوار المجتمعى للاستناد إليها فى القرارات حتى يتم تحديد نظام القبول بالجامعات على أساسه فيجب أن يكون التغيير المنظومى شاملاً لا يتم أخذ جزء وترك الباقى وان هذه التغييرات ستكون إيجابية تستند إلى أسس علمية حيث ان التغييرات تكون من القمة إلى القاعدة ويجب عمل دراسة شمولية فى جميع مراحل التعليم قبل الجامعى التى تم اتخاذها سابقاً.
الاختيار.. أفضل
لكن الدكتورة فاطمة عابد عميدة كلية تمريض تعتبر نظام البكالوريا الجديد مقبول لانه قائم على الاختيار وليس اجباراً للطالب وتقوم فلسفته الأساسية على تعزيز مهارات التفكير النقدى والتحليلى وايضاً تعزيز مهارة ريادة الأعمال لدى الطلاب بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين، وتشمل شهادة البكالوريا الصفين الثانى والثالث الثانوي، بعد أن كانت تشتمل الثانوية العامة على الصف الثالث فقط وهناك 4 مسارات للطالب بدلا من ثلاثة وفق النظام القديم.
أشارت إلى أن الالتحاق بشعبة الطب وعلوم الحياة، أو الكيمياء والبرمجة، أو الأعمال، أو الآداب والفنون. فى الثانوية العامة لا يوجد تحسين للمجموع والبكالوريا المصرية أصبح من حق الطالب تحسين درجاته واختيار الدرجات الأعلى فى المحاولات التى يخوضها خريجو البكالوريا سيكون متاح لهم جميع الكليات الأكاديمية والتكنولوجية وهذا هو احتياج سوق العمل ونتمنى ان يقضى على كابوس الثانوية العامة الذى عانت منه الاسر المصرية واولادهم.
تخفيف الأعباء
أشار دكتور تامر شوقى أستاذ بكلية التربية جامعة القاهرة الى أن الدولة تسعى بشكل مستمر إلى معالجة المشكلات المرتبطة بالثانوية العامة باعتبارها السنة الأهم فى التعليم المصرى بما يخفف الأعباء والضغوط على الطلاب وأولياء الأمور، وفى سبيل ذلك شرعت فى اتخاذ خطوات جادة فى هذا الملف فى الفترة الأخيرة بداية بإعادة هيكلة المرحلة الثانوية وتقليل عدد المقررات الدراسية ثم طرح مشروع البكالوريا المصرية كبديل للثانوية العامة للحوار المجتمعى والذى كشف بدوره عن العديد من الاشكاليات المرتبطة به، وقد دفع ذلك رئيس الوزراء إلى عرض مقترح إتاحة فرصة الاختيار للطلاب بين نظام البكالوريا الجديد، ونظام الثانوية العامة القديم خلال فترة انتقالية.
أوضح أن لهذا المقترح العديد من الإيجابيات تشمل انصات الحكومة لملاحظات الحوار المجتمعي، وعدم فرض نظام معين على الطلاب بشكل قهري، كما يفيد ذلك فى علاج المشكلات المرتبطة بالبكالوريا حال ظهورها فى الواقع، ومع ذلك فهناك العديد من التحديات التى تواجه تطبيق ذلك المقترح وتشمل، ما قد يجده الطالب صغير السن من صعوبات فى اختيار النظام التعليمى المناسب له، وكذلك صعوبة توفير عدد كاف من المعلمين فى النظامين وخاصة مع وجود عدد كبير من المقررات الدراسية الجديدة فى نظام البكالوريا.
ويرى شوقى أن الصعوبات التى ستواجه النظامين هى انشاء بنوك أسئلة بمواصفات قياسية فى كلا النظامين، ومن التحديات أيضا التى تواجه ذلك كيف سيتم تشكيل اللجان الامتحانية فى نفس المدرسة هل من طلاب احد النظامين فقط، أم ستشمل طلاباً من كلا النظامين، بالإضافة إلى الصعوبات فى تحديد مواعيد الامتحانات فى النظامين، وصعوبة وضع معايير محددة لقبول الطلاب من كلا النظامين فى الجامعات، واحتمال اختلاف الحد الأدنى للقبول بنفس الكليات للطلاب من كلا النظامين مما سيثير اشكاليات اجتماعية، وكذلك تحدى وجود طلاب فى نفس التخصصات فى الكليات مع اختلاف المقررات الدراسية التى درسوها والمؤهلة للالتحاق بتلك الكليات مما يسبب تفاوتا كبيرا فى مستويات الطلاب.