شهدت أجنحة المؤسسة الدينية الثلاث «الأزهر الشريف ـ دار الإفتاء المصرية ـ وزارة الأوقاف» فى معرض الكتاب هذا العام حالة من التفاعل الجماهيرى المتزايد بعدما اتقن القائمون على إدارة أجنحتها أساليب التعامل الفكرى مع القضايا التى يحتاجها الجماهير.. إضافة إلى أن أسعار الكتب فى الأجنحة الثلاث تباع للجماهير بأسعار الطباعة دون زيادة هدفها تحقيق مكسب مادي.. ومما زاد تعلق الجماهير بهذه الأجنحة الفعاليات الفكرية التى يتم تنظيمها على مدار اليوم ويحضرها كبار رموز الفكر والثقافة والفن والإعلام وتناقش العديد من القضايا الحياتية والدينية.
مصطفى سند ـ عضو اللجنة التنفيذية لجناح الأزهر الشريف أكد أن إصدارات قطاعات الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، وقطاع المعاهد الأزهرية، ومركز الأزهر للترجمة، ومرصد الأزهر، والجامع الأزهر وهيئة كبار العلماء، تبلغ قرابة 580 كتابًا، وأن هناك إقبالًا واضحًا بمركز بيع الكتب بنسبة تصل إلى 40٪ زيادة عن العام الماضى خاصة، مبينا أن أسعار الكتب هذا العام فى جناح الأزهر تتراوح بين 8 جنيهات و600 للمجلدات، حيث إن الأزهر مؤسسة دينية لا تهدف للربح ولكن نشر رسالة الوسطية والاعتدال بما يدعم التعايش والتعاون المشترك، مشيرا إلى أن جناح الازهر حريص على الاهتمام بالقضية الفلسطينية فى ظل تطور الأوضاع الذى تشهده الأراضى الفلسطينية مما فرض على القائمين على الجناح نشر عدد من المؤلفات بصورة بسيطة وصورة دراسية متعمقة حتى تحقق الفائدة للقارئ البسيط والباحث الأكاديمي، خاصة بعدما ثبت أن كثيرًا من الأجيال الناشئة لا تعلم شيئا عن القضية ولا أبعاد الصراع، حيث حرص الاحتلال الصهيونى منذ أمد بعيد على تغييب عقول شباب العرب عن القضية حتى تنشأ أجيال لا تدرك حقيقة القضية فيسهل الاستيلاء على الأرض وتضييع معالم القضية بصورة نهائية أبدية، وفى المقابل نجد العدو الصهيونى يقوم بتذكير أبنائه بالأكاذيب التى يدشنها منذ سنوات بهدف تغذية الكراهية للعرب ورفع وتيرة العدوان داخل نفوسهم، لذلك فإن الأزهر حريص على إحياء القضية فى نفوس الشباب ودعم الباحثين فى مؤلفاتهم حتى يمكننا المحافظة على استمرارية القضية حتى يتحقق نصر الله للمرابطين فى الأقصى ومن حوله.
أشار سند إلى أن الأزهر الشريف قرر اختيار شخصية جناحه هذا العام الدكتور محمد عبد الله دراز أحد أبرز علماء الأزهر الذين انفتحوا على علوم الغرب ومعارفه، وصاحب الأثر الفكرى العظيم» دستور الأخلاق فى القرآن»، وهذا الكتاب يمثل زادا معرفيا مهما فى الوقت الحالى بعد حالة الردة الأخلاقية التى تأثر بها المجتمع نتيجة طغيان السوشيال ميديا، هذا بخلاف الأنشطة الأخرى بالجناح التى تقام بركن قطاع المعاهد الأزهرية وركن الطفل الذى يقدم العديد من ورش العمل للأطفال، هناك أيضًا ركن الفتوى الذى يوجد به متخصصون فى الفتوى من الرجال والنساء لاستقبال رواد المعرض الذين يرغبون معرفة حكم الدين فى الأمور الدينية والحياتية.
أكد عضو اللجنة التنفيذية لجناح الأزهر أن جناح الأزهر هذا العام يشهد فعاليات متنوعة فى مختلف القضايا ذات الأبعاد الوطنية والقومية حيث يتم تنظيم ندوات تثقيفية داخل بانوراما ذاكرة الأزهر وقاعة الندوات ويقدمها كبار علماء الأزهر وشخصيات سياسية وفكرية وثقافية وإعلامية، إضافة إلى عرض بانورامى يحكى تاريخ الأزهر عبر العصور بطريقة مختصرة، ويقدم ركن المخطوطات الخاص بمكتبة الأزهر الشريف مجموعة من أبرز نوادر المخطوطات عبر تاريخ الأزهر الشريف، يتم فيها عرض الكتابات عبر العصور وشيوخ الأزهر حتى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وكذلك يوجد بالجناح ركن الخط العربي، حيث يقيم فيه المتخصصون ورش عمل لتعليم الخط العربى والكتابة للأطفال مع إهداء كل زائر كارتًا مدونًا عليه اسمه مكتوبًا بالخط العربي.
جناح الأوقاف
وفى جناح مجلس الشؤون الإسلامية «وزارة الأوقاف» يقول الدكتور محمد عبد الرحيم بيومى الأمين العام لمجلس الشؤون الإسلامية أن الجناح يشهد هذا العام إقبالا كثيفًا بصورة ملفتة للنظر خاصة وأن المجلس وفر قسمين قسم للعرض وآخر للبيع لتوفير كل الإصدارات الجديدة بالجناح وإصدارات أخرى متميزة خاصة بالتراث الإسلامى وفيما يخص العلوم المعاصرة وعلوم الواقع بأسعار مناسبة لأن المجلس لا يهدف للربح من خلال إصداراته المختلفة مما ساعد على الإقبال المتزايد على الشراء.
أوضح د. بيومى أن رسالة المجلس هذا العام مقسمة لأربعة محاور وهى محاربة التطرف الدينى والتطرف الفكرى والإلحاد بالمواجهة وكذلك محور بناء الإنسان وأخيراً محور صناعة الحضارة، مشيراً إلى أن الإنسان فى المطلق هو شخصية هذا العام لمجلس الشؤون الإسلامية، لتحقيق رسالة المجلس بمحاورها الأربعة، وتقدم وزارة الأوقاف كتبًا وسطية عن الفقه الإسلامي، التصوف وآل البيت بصورة حقيقية موضوعية بعيدة عن المغالاة، كما حرص المجلس على تنقية الكتب أو المنتج المعرفى من أى كتاب يثير الجدل أو اللغط.
فيما أوضح وليد محمود يوسف ـ مسئول شئون البيع أن جناح وزارة الأوقاف يشهد هذا العام حركة كبيرة من البيع والشراء لأنها كتب معتمدة يقبل على شرائها الزائرون باطمئنان، مبينا أن أكثر مبيعات كتب جناح الأوقاف السيرة النبوية، والفقه والتاريخ الإسلامي، مشيرا إلى أن جناح هذا العام يشهد إعادة طرح مجموعة عن آل البيت مثل السيدة زينب والسيدة نفيسة، وكتب عن التصوف الإسلامي، مشيرا أن جناح الأوقاف حريص على بيع الكتب بأسعار زهيدة تبدأ من 11جنيهًا مثل كتب التيسير فى الحج، والحج والعمرة ومناسك وأسرار وهناك مجلد من 49 جزءًا عن موسوعة الفقه الإسلامى تصل قيمتها قرابة إلى 1940 جنيهًا بزيادة تقارب الـ 300 جنيه عن العام الماضي، وهذه الأسعار بسيطة مقارنة بالمكتبات الأخري، حيث إن وزارة الأوقاف لا تهدف إلى الربح وإنما نشر الدعوة، لذا نجد طلاب الأزهر ومحبى القراءة يحرصون على اقتناء كتب مكتبة الأوقاف.
فيما أكد محمد عبد المقصود ــ مدير عام البعثات والوافدين بمجلس الشؤون الإسلامية أن جناح الأوقاف يشهد يومياً سياحة معرفية للطلاب الوافدين على منحة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وهى زيارة ميدانية للبعثات والوافدين من 20 دولة بهدف مشاهدة فعاليات المعرض بما يسهم فى نشر المعرفة بين الشعوب المتقاربة للثقافة المصرية، إضافة إلى نشر رسالة وزارة الأوقاف بدعم المسلمين بالابتعاث وإرسال المطبوعات والكتب الإسلامية لمعرفة كل مسلم بأمور دينه.
دار الإفتاء
وفى جناح دار الإفتاء المصرية كان الشيخ بخيت المطيعى مفتى الديار المصرية الأسبق شخصية هذا العام، فقد تم اختياره لتأثيره الواضح فى الفتاوى كما أن أكثر فتاوى دار الإفتاء التاريخية صدرت فى عهده.
أشار محمد فايد ـ مدير عام إدارة الإصدارات بدار الإفتاء المصرية ومسؤول الجناح بالمعرض ــ أنه لأول مرة تشارك الإفتاء المصرية بالمعرض بجناح مقسم لقسمين، أحدهما لعرض مطبوعات الدار، والآخر لاستضافة الندوات والأنشطة الفكرية التى تقوم الدار بتنظيمها ويحضر فيها كبار الشخصيات، مبينا أن الدار حريصة على انتقاء موضوعات الندوات التى ينتظرها جمهور المعرض فى ذلك العرس الثقافى الدولي، حيث ناقشت الدار علاقة الدين بالفن وتلك الندوة شهدت إقبالا كثيفا حيث حضرها مفتى الديار المصرية الأسبق د. على جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر وشاركه الحضور الفنان القدير محمد صبحى وتناولت الحديث عن الفتوى والدراما، وكذلك ندوة الفتوى وعلاقتها بزواج الأجانب للدكتور حسن الصغير الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية وشاركه الحضور الدكتور محمد البشارى أمين عام المجتمعات الإسلامية بدبي، وهناك قسم خاص بالإصدارات التى تهم كافة فئات الزوار، وهناك ندوات خاصة بقضايا المرأة وأخرى بالشباب وذوى الهمام، وكل ما يخص الوطن.
أضاف فايد أن جناح الإفتاء حريص هذا العام على طرح الكتب التى تهم الجمهور مثل كتاب قضايا تشغل الأذهان، وتم طرحه مرة أخرى هذا العام نظراً للإقبال المتزايد على شرائه، فقد تم طباعة جزئين آخرين بإضافة القضايا التى طرأت على المجتمع تشغل الأذهان، كما أن الجناح يقدم هدية لزواره عن الفتاوى الاجتماعية.
ومن داخل أجنحة المؤسسة الدينية التقت الجمهورية عددا من الزوار لاستطلاع رأيهم فى أنشطة المؤسسة الدينية حيث أوضحت أمل عبد العال ـ مدرسة بمعهد أزهرى أنها وجدت فى أجنحة المؤسسة الدينية هذا العام حالة من التنوع الفكرى بين مختلف القضايا التى تشغل أذهان الشباب فى العديد من العارف التى يحتاجونها خاصة جناح الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية حيث يبدو من أنشطتهما مدى الاستعداد المبكر لذلك الحدث العالمى الفكرى بما يتناسب مع طبيعة المستجدات والقضايا، موضحة أن أولادها استفادوا فعليا من جناح الازهر خاصة ركن المنظمة العالمية لخريجى الازهر الذى يقدم عددا كبيرا من مجلة نور للأطفال حيث تناقش كل القضايا بصورة فقهية وفكرية مميزة وأسلوب بسيط للأطفال خاصة قصص الأنبياء المصورة، كما أنه يجذب الأطفال بأنشطة بسيطة ومختلفة.
فيما اشارت شيماء مجدى «ربة منزل» حرصها على اصطحاب ابنتها لزيارة جناح الأزهر بمعرض الكتاب ضمن رحلة تثقيفية وترفيهية حيث إنها تقيم خارج القاهرة، لكنها فوجئت بالمستوى الذى يقدمه جناح المؤسسة الدينية خاصة ركن مجلة نور بجناح الأزهر، وركن المرأة بدار الإفتاء، وركن التصوف فى جناح الأوقاف، حيث إن هذا الركن على سبيل التحديد أسهم فى تنمية المعارف الشخصية لها حول قضايا التصوف.
فيما أكد محمد عبد الفضيل ـ طالب بالصف الأول الثانوى العام أنه يحب الاطلاع على كل ما هو جديد والاستفادة من أنشطة جناح الأزهر المختلفة وتعليم أصول ديننا بيسر وكذلك تاريخ مصر الإسلامي، معرباً عن مدى رضاه بأسعار الكتب التى لا تزال فى متناول الجميع.
محمد عموش ــ من كفر الزيات محافظة الغربية ــ أعرب أنه لم يسبق له زيارة أجنحة المؤسسة الدينية لكن الصدفة قادته لدخولها فوجد حالة من التميز الراقى ومن القائمين عليها الذين يساعدون الحضور بمعلومات مبسوطة، وندوات ثقافية مهمة مثل الندوة التى قامت الإفتاء بتنظيمها حول علاقة الدين بالفن، والندوات المتنوعة التى يقيمها الأزهر الشريف وبها رموز المؤسسة الدينية الذين يعيدون للجمهور ترتيب قضاياهم الوطنية والفكرية، موضحا أن هذا ليس رأيه فقط بل رأى 17 فردا من عائلته حضروا للاطلاع على أحدث الكتب التى طرحت وتخص مستجدات العصر كما أنه حرص على شراء الكتب التاريخية لأولاده.
ومن دولة نيجيريا كان لنا لقاء مع عدد من الطلاب وهم محمد إبراهيم أبو بكر وأحمد عثمان وحمزة أبو بكر حيث أشادوا بما شاهدوه وتابعوه فى أجنحة المؤسسة الدينية التى حرصوا على شراء كافة الكتب التى يحتاجونها هو وأصدقاء لهم فى بلادهم، مؤكدين أن الفلسفة الفكرية تغيرت لدى القائمين على تنظيم أجنحة المؤسسة الدينية لإدراكهم أن هناك غير الناطقين بالعربية مما يصعب عليهم تعلمها بإتقان لعدم دراستهم قواعدهم ولكنهم يحتاجون فى ذات الوقت الوصول إلى معارف وعلوم الإسلام الوسطي، وبالتالى كان يستلزم وجود تراجم لتلك النوادر الفكرية التى تملكها المؤسسة الدينية المصرية، وهذا ما تحقق فى أجنحة المؤسسة الدينية هذا العام مما ساعدهم على شراء العديد من المؤلفات لمساعدتهم فى فهم الإسلام.