أشعل القلوب بصوته فى التراويح:
أتمنى أن التحق بكلية أصول الدين وأدرس العقيدة والفلسفة مثل الإمام الأكبر
تأثرت بشخصيتى أينشتاين وطه حسين.. وقرأت 400 كتاب وعندى فى التأليف تجربة
التفوق والتميز لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج جهد، تعب ومذاكرة ليل نهار بمساعدة مرافقة والدته السيدة ثريا محمد محمود- 38 عاماً- ربة منزل تزوجت من ابن عم والدتها، ورزقها الله 4 أولاد «شهد، ومحمد، وفارس، وملك ابنتها الكبرى هى المتمتعة بنعمة البصر، أما الثلاثة الآخرون فهم من ذوى الإعاقة البصرية، ورغم شدة الاختبار إلا أنها لم تيأس، ورغم أنها غير متعلمة طلبت من الله عز وجل العِوض فى أولادها، وقررت نذر أبنائها للأزهر.
الابن الثانى محمد أحمد حسن عبد الحليم- 18 عاماً- فاز بلقب بطل ذوى الهمم فى مسابقة تحدى القراءة التى تنظمها الإمارات كل عام وحقق المركز الأول فى قراءة 50 كتاباً متفوقاً على 39 ألف طالب وطالبة من أصحاب الهمم على مستوى الوطن العربي، وعاد محمد لصدارة المشهد مرة.
> كيف كانت بدايتك مع القرآن ؟
.. نشأت بمحافظة الإسكندرية وسط أسرة بسيطة مكونة من أب وأم وثلاثة أخوات، أختى الكبيرة «شهد» طالبة بكلية التجارة قسم «إدارة أعمال» جامعة الإسكندرية مبصرة وشقيقان غير مبصرين هما «فارس بالصف الثانى الثانوى وملك بالصف الخامس» بالتعليم الأزهرى مثلي.
ورغم أن والدتى غير متعلمة ولم تدخل مدرسة لكن قررت أن تتعلم معنا فبعد أن رزق الله أبى وأمى أولادا ثلاثة غير مبصرين قررت والدتى أن يكونوا قادرين باختلاف من خلال تفوقهم ونبوغهم العلمي، حيث تقوم بمساعدتنا فى القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وحققت حلم حياتها فى أولادها وتعلمت معهم ولم تكتف بذلك، فالعلم ليس له نهاية، وتمنت أن يصل أحدنا للعالمية ويرفع علم مصر بالخارج وهذا ما استطاعت تحقيقه، فهى أول من استشعرت عندى موهبة القراءة وقررت خروجها للنور، فعندما كنت بالصف الثالث الابتدائى استشعرت والدتى أن بيتنا على موعد ولادة عالم يحفظ كلام الله، وعندما بدأت مسابقة تحدى القراءة شجعتنى على القراءة وبدأنا القراءة بطريقة برايل، وكانت تقوم بشرح الكتب، وبعد ذلك كانت تسجل لى الكتاب صوتيا حتى أقوم بسماعه و أبدأ المذاكرة.
> كيف بدأت رحلتك مع حفظ القرآن الكريم؟
.. بدأت الحفظ فى سن 3 سنوات وأتم الله على نعمته وختمت القرآن الكريم فى عمر 8 سنوات فرحلة الحفظ استمرت 5 سنوات قبل الانتقال لمرحلة إتقان أحكام التجويد ومرحلة القراءات القرآنية، حتى أصبحت مجازاً بالقراءات العشر، وأتذكر مرحلة الحفظ وانطلاقتى كانت فى دار الصباح وهى من المكاتب التابعة للأزهر الشريف، والحفظ كان عن طريق التلقى من أفواه المشايخ وذلك لضمان الإتقان وجودة التلاوة، وأحكام التجويد، وقد تربيت على صوت الشيخ محمود خليل الحصرى فى البداية وبعد ذلك باقى مشايخنا الخمسة الذين عمت أصواتهم أرجاء الدنيا كلها.
> كيف تلقيت خبر اختيارك لإمامة العلماء فى التراويح بالجامع الأزهر؟
.. بدأ الموضوع من المشاركات فى المسابقات الأزهرية والدورات التدريبية التى كانت تعقدها لجنة شئون القرآن الكريم ولها دور كبير فى ترشيحى للتسجيلات والترشيح لإمامة العلماء بالجامع الأزهر وتلقيت الخبر من د. محمد الضوينى وكيل الأزهر مباشرة فى مركز مؤتمرات الأزهر بحضور رئيس ووكيل لجنة مراجعة المصاحف وعميد كلية القرآن ومدير عام إدارة شئون القرآن الكريم د.أبو اليزيد سلامة.
> كيف كان شعورك وأنت تقف إماماً فى هذا المكان التاريخى العظيم؟
.. شعور من حقق حلما كان يحلم به أخيراً، فمنذ الخطوة الأولى فى حفظ القران الكريم كنت أتمنى أن أكون فى هذا الموقع المعظم محراب الجامع الأزهر ولم أكن أنتظر شيئا كهذا خصوصا فى هذه السن والوقت لكن كان الانتظار لها حلما ولم يكن شيئا متوقعا، وتعلمت من مشايخنا أن طارق الأبواب توشك أن تُفتح له، ومن حدد هدفه أوشك أن يصيبه.
< هل اقتصرت في دراستك القرآن؟
.هو الأساس لكنى قرأت أكثر من 400 كتاب فى كل المجالات مثل اشتراكية الاسلام وقضايا المرأة وأتذكر أول كتاب قرأته .. كتاب أينشتاين للدكتور محمد فتحى صبرى، حيث إننى من أشد المعجبين بقصص الكفاح وهذا ما جذبنى له كفاح وإصرار أينشتاين على النجاح وترك بلده لأكثر من مرة وشخصيته المحبة للابتكار، فهو دائم التطوير.
> ماذا تعلمت من أينشتاين؟
.. تعلمت الكثير من شخصيته منها والأهم الإصرار على الوصول للنجاح.
> بعد التعمق فى القراءة هل كان لك تجربة فى ذلك؟
بالفعل لى تجربة فى كتاب «العاصم فيما انفرد به عاصم».
> ماهى طموحاتك ومن قدوتك؟
.. قدوتى رسولنا الكريم- صلوات الله عليه وسلم- والدكتور طه حسين، فقد قرأت له عدة كتب منها الأيام، والمعذبون فى الأرض، وعدد من الأدباء، وأطمح أن التحق بكلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة وأن أكون مثل الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
> هل لديك هوايات أخرى؟
.. أحب الأنشطة الترفيهية ومتابع جيد لمباريات مانشستر ستى واعشق مرموش، ومتابع الدوريات الخمسة لكرة القدم وعرض على تلخيص كتاب عن كرة القدم ونشأتها وكأس العالم عام 1934، وذلك عام 2019، لكن لضيق الوقت لم أخض التجربة، كما أننى أشعر بلذة مع ألعاب الذكاء لتنمية المهارات.
> قدراتك فى القراءة نابعة من دراستك للتعليم الأزهرى أم أنها موهبة.
.. عندما تعلمت طريقة برايل، لم تحقق طموحى ومنذ أن تعلمت بالأزهر وبالتربية والتعليم أيضاً شعرت بأن شيء ما ينقصنى فعندما كنت اذهب للمكتبة التابعة للتربية والتعليم كنت أقرأ كل ما يقع يدى عليه، بطريقة مبالغ فيها لافتة للنظر أدهشت الجميع، فالقراءة كانت ولازالت متعتي، فهى غذاء الروح، والتدريب على طريقة برايل كانت البداية لكن الآن لا اعتمد عليها فى الاطلاع لقلة الكتب بطريقة برايل، واعتمادى على السماع والكتب الصوتية، وعند السماع احفظ من أول أو ثانى مرة على الأكثر.
> هل التحقت بمدارس النور للمكفوفين التابعة للتربية والتعليم بجانب التعليم الأزهري؟
.. بداية الأمر كانت دراسة بمدارس النور للمكفوفين بالإسكندرية وعندما انتقلت للصف الثانى الابتدائى التحقت أيضاً بالصف الأول بالتعليم الأزهرى واستمررت بالدراسة بمدارس النور للمكفوفين حتى المرحلة الإعدادية وتقدمت لمعهد القراءات بالصف الأول الابتدائي.
> ماذا تعلمت من القراءة؟
.. القراءة علمتنى الصبر وصعود السلم درجة درجة حتى أصل للقمة، فنحن قادرون باختلاف وأفكر جيداً قبل أى خطوة ولم أحبذ المغامرة فأنا أجيد القراءات العشر، كما كنت الأول فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية على مستوى محافظة الإسكندرية، والآن فى الصف الرابع بمعهد القراءات.
> حدثنى عن والدتك ماذا تعلمت منها؟
.. أمى تؤمن بمقولة «ولكل مجتهد نصيب» وعندما رُزقت بنعمة أولاد من ذوى الإعاقة، طلبت من الله بعد ولادتنا نحن الأشقاء الثلاثة أن نكون أصحاب عقل سليم، ولسان رطب بذكر الله، وعلمتنى الإصرار والكفاح من أجل الوصول لهدفي، ونحن مثل أى أسرة مصرية تبدأ يومها بصلاة الفجر نصلى ونفطر ونذاكر ونحفظ القرآن الكريم، ووالدى يساعدها فى تعليمنا، وكلما حققت لها أحد أحلامها تبكى بحرقة، فعندما صعدت منصة التكريم فى الإمارات رافعا علم مصر ظلت تبكى حتى أشفق عليها الحضور، كذلك عندما تقدمت لإمامة المصلين فى كعبة العلم وقِبلة المعرفة الأزهر الشريف حدثتنى بعد التراويح باكية حتى أشفقت عليها، وهناك حلم لها مؤجل اتمنى تحقيقه بأن تزور بيت الله تعالي.
> هل إخوتك من حافظى القرآن الكريم؟
.. والدتى جعلتنا أسرة مترابطة نافعة للمجتمع ونفع المجتمع ومساعدة أولادها فى التعليم غايتها، قام فارس بختم القرآن مثلى وشارك فى مسابقة تحدى القراءة وملك الكبرى حفظت 18 جزءاً، وأختى شهد الصغرى تحفظ 7 أجزاء، فحفظ القرآن الكريم حرصت عليه والدتى منذ صغرنا.
> كيف ترى دور الأزهر فى دعم ذوى الهمم وتوفير بيئة مناسبة لهم للتميز؟
.. أرى أن أعظم دور للأزهر فى دعم ذوى الهمم يكمن فى دمجهم مع الآخرين وجعلهم يتعلمون لأن بيئتهم المناسبة فى تواصلهم مع غيرهم وهذا يشعرهم بمكانهم ومكانتهم وأنهم لاينقصون شيئا عنهم فيبدعون ويخرجون أفضل مابوسعهم.