تحدث الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بصراحة ووضوح وبكثير من الشفافية حول قضية شائكة ومعقدة وهى الفجوة المزمنة بين الايرادات والمصروفات خاصة مايتعلق بالعملة الصعبة وهى ازمة مستمرة منذ زمن بعيد، وحمل الحديث العديد من المؤشرات الايجابية التى تؤكد تعافى الاقتصاد المصرى بل واستعداده لتحقيق انطلاقة كبرى خلال السنوات القليلة المقبلة.. و للشهر الثانى على التوالى يتجاوز مؤشر مدير المشتريات الـ 50 نقطة، وهو ما يعنى أن نظرة القطاع الخاص ومجتمع الأعمال فى مصر، هى نظرة إيجابية للاقتصاد ونموه، وهو ما يعطى أيضا دفعة قوية للاستمرار فى تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية.
وهناك ارتفاع متواصل لاحتياطى النقد الأجنبي، حيث وصل الآن 47.4 مليار دولار أمريكي، بزيادة عن الشهر الذى سبقه تقدر بأكثر من 128 مليون دولار، وجميعها مؤشرات جيدة فيما يخص استقرار سعر الصرف، أو يمكن القول بشكل عام أن الأمور تسير بصورة جيدة جدا، من حيث تلبية جميع الاحتياجات، وذلك بالرغم من أن شهر رمضان المعظم يصاحبه زيادة فى الاستهلاك وكذلك زيادة فى الطلب على العملة الصعبة والسلع، إلا أن جميع الاحتياجات متاحة بصورة مستقرة.
الدكتور مدبولى قال ان الحكومة تضع نصب أعينها تحقيق الهدف الذى وضعه لنا الرئيس بإحداث نوع من التوازن بين إيراداتنا ومواردنا من العملة الصعبة فى مقابل مصروفاتنا كدولة، وأن نصل إلى تحقيق فائض أيضا، لافتا إلى أن محافظ البنك المركزى يرسل تقريرا كل أسبوعين حول موارد واستخدامات العملة الصعبة، وفى اخر أسبوعين كانت الموارد من العملة الأجنبية تعادل تماما المصروفات فى نفس الفترة، وهو ما يشير إلى أننا كدولة نسير وفق مسار صحيح بالرغم من جميع التحديات، حيث أصبح هناك شبه توازن بين الموارد والاستخدامات من العملة الصعبة، ونحن نستهدف خلال الفترة المقبلة ليس فقط ذلك، ولكن أن نحقق فائضا فى هذا الاتجاه لكى ندعم قوة ومكانة الاقتصاد المصري، وذلك من خلال تركيزنا على القطاعات الرئيسية التى نعول عليها خلال المرحلة الحالية، وهى قطاعات الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وهى قطاعات تم ترجمتها فى لجان استشارية ومجموعات وزارية جميعها نعمل عليها بالفعل.
وتطرق رئيس الوزراء إلى الزيارة التى قام بها مؤخرا للمنطقة الاقتصادية بالسخنة، وشهدت افتتاح 11 مصنعا كبيرا، وقال انه منذ بضع سنوات كان عدد المصانع القائمة فى المنطقة الاقتصادية 65 مصنعا، وصلت أعدادها حاليا إلى 130 مصنعا، أى ضعف العدد خلال فترة زمنية تبلغ 3 سنوات، بل الأهم من ذلك أن هناك 120 مصنعا تحت الإنشاء سيتم الانتهاء منها خلال هذا العام، أو العام المقبل على أقصى تقدير.
ويواصل الدكتور مدبولى حديثه الرائع عن المؤشرات الجيدة وتطرق الى قطاع البترول مؤكدا انه بالتوازى مع جهود العمل على استدامة سداد الالتزامات مع شركات البترول، هناك حقل جديد ظهر فى نفس منطقة حقل كينج مريوط، اسمه «الفيوم 5»، حيث ظهرت بوادر استكشاف جيدة واحتياطيات جيدة من الزيت والغاز، وهذه كلها أخبار إيجابية مطمئنة لنا كدولة تؤكد أننا نتحرك فى الاتجاه السليم فى هذا الصدد، وأن هناك تعافيا سريعا فى هذا القطاع، وسنشهد نتائجه الإيجابية مع نهاية عام 2025 وبداية عام 2026.
ويختتم رئيس الوزراء تصريحاته المطمئنة قائلا: أنه يناقش حاليًا مع وزيرى التخطيط والمالية خطة الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل 2025-2026، وسيتم الإعلان عن تفاصيل هذه الخطة خلال الفترة المقبلة، مضيفا: الشيء الأهم هو أن قطاعى الصحة والتعليم يستحوذان على النصيب الأكبر خلال الفترة المقبلة.
حديث الامل والتفاؤل الذى طمأن به رئيس الحكومة الرأى العام عن تعافى الاقتصاد القومى جاء بعد ساعات قليلة من اختتام قمة القاهرة العربية الطارئة والتى انحصر جدول اعمالها فى قضية واحدة فقط لاول مرة فى تاريخ القمم العربية وهى القضية الفلسطينية وتحديدا اعادة اعمار غزة بعد ان دمرتها دبابات وصواريخ وقنابل الاحتلال الاسرائيلى لمدة تتجاوز العام ونصف العام.. مصر نجحت خلال القمة فى حشد التأييد العربى والدولى الى حد الاجماع فى مساندة حق الفلسطينيين فى اعادة اعمار بلادهم وهم يعيشون على ارضهم ورفض اى فكرة او مشروع لتهجير الفلسطينيين قسرا بعيدا عن ارضهم المحتلة.. مصر نجحت ايضا فى وضع المجتمع الدولى امام مسئوليته التاريخية والانسانية فى ضرورة الضغط على اسرئيل ومن يحالفها للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية واكدت القاهرة على ان حل الدولتين هو الضمانة الحقيقية لتحقيق السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الاوسط.