استكمالا لأحاديث الأسابيع الماضية حول الإستراتيجية الوطنية لتنمية الريف المصري، نواصل الحديث عن سبل تحويل الريف إلى منتج فى المجالين الزراعى والحيوان. يمثل تحويل القرى المصرية من مستهلكة إلى منتجة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة. يمكن تحقيق ذلك من خلال عدة سبل، منها دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير التدريب المهنى للشباب، وتنمية الزراعة المستدامة، وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية، وتطوير البنية التحتية الأساسية. كما يجب التركيز على التسويق الفعال للمنتجات المحلية، وتشجيع السياحة الريفية.
ويمثل تحويل القرى المصرية من مستهلكة إلى منتجة فى المجالين الزراعى والحيوانى هدفا استراتيجيا لتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل للشباب، والمساهمة فى التنمية المستدامة. تتطلب هذه العملية تضافر جهود الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص.
أولاً: تطوير القطاع الزراعى والتوسع فى استخدام التكنولوجيا الحديثة حيث يجب الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة مثل نظم الرى الحديثة، والأسمدة الذكية، والزراعة الدقيقة، وذلك لتحسين كفاءة استخدام المياه والموارد الأخري.
وينبغى تشجيع المزارعين على زراعة محاصيل متنوعة ذات قيمة اقتصادية عالية، وتلائم الظروف البيئية المختلفة، وذلك لتقليل المخاطر الناجمة عن تقلبات المناخ، وزيادة الدخل الزراعي. كما يجب العمل على تطوير سلالات المحاصيل والحيوانات ذات الإنتاجية العالية والمقاومة للأمراض، وذلك من خلال برامج التهجين والتحسين الوراثي. وضرورة توفير المدخلات الزراعية الجيدة وبأسعار مناسبة للمزارعين، مثل الأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية، وذلك لضمان حصولهم على إنتاجية عالية. إضافة إلى توفير برامج تدريبية للمزارعين على أحدث الأساليب الزراعية، وذلك لرفع مستوى الوعى الزراعى لديهم، وتحسين قدراتهم الإنتاجية. ويجب تحسين سلالات الحيوانات المحلية، وزيادة إنتاجيتها من اللحوم والألبان، وكذلك يجب توفير الأعلاف الجيدة والرخيصة للحيوانات، وذلك من خلال زيادة إنتاج الأعلاف المحلية، واستيراد الأعلاف من الخارج إذا لزم الأمر. ويجب مكافحة الأمراض التى تصيب الحيوانات، وذلك من خلال برامج التطعيم والوقاية، وتوفير الخدمات البيطرية اللازمة. وهنا يجب تطوير الصناعات الغذائية المرتبطة بالمنتجات الحيوانية، مثل صناعة الألبان ومنتجات الألبان، وصناعة اللحوم، وذلك لزيادة القيمة المضافة للمنتجات الحيوانية. ولا يمكن إغفال دعم التسويق الزراعى وإنشاء أسواق زراعية حديثة مجهزة، لتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية، وبأسعار عادلة للمزارعين والمنتجين.
ويواجه القطاعان الزراعى والحيوانى فى مصر العديد من التحديات التى تؤثر سلبًا على الإنتاجية والكفاءة، وتعيق تحقيق الأمن الغذائى والتنمية المستدامة. من أبرز هذه التحديات، تدهور الأراضى الزراعية بسبب عدة عوامل، منها: التملح، والتعرية، والتصحر، والتوسع العمراني، مما يؤدى إلى انخفاض خصوبة التربة وتقليل الإنتاجي. وكذلك ندرة المياه حيث تعد ندرة المياه أحد أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى فى مصر، حيث يعتمد القطاع بشكل كبير على مياه نهر النيل، والتى تتأثر بالتغيرات المناخية وزيادة الطلب على المياه. كما يؤثر التغير المناخى بشكل كبير على الزراعة والحيوان، حيث يؤدى إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار، وزيادة تكرار الظواهر الجوية المتطرفة، مما يؤثر سلبًا على المحاصيل والحيوانات. وهناك تحد كبير يتمثل فى تفتت الحيازات الزراعية، مما يجعل من الصعب تطبيق الأساليب الزراعية الحديثة، وتحقيق اقتصاديات الحجم، وتسويق المنتجات الزراعية بشكل فعال. كما يؤدى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، مثل الأسمدة والبذور والمبيدات، إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وتقليل هامش الربح للمزارعين. ويعانى القطاع الزراعى من قلة الاستثمارات فى البحث والتطوير، وتحديث الآلات والمعدات الزراعية، وتطبيق التكنولوجيا الحديثة. كما يعانى المنتجون الزراعيون من ضعف التسويق لمنتجاتهم، مما يؤدى إلى انخفاض الأسعار، وعدم الحصول على عوائد مناسبة.
وتنتشر الأمراض والآفات الزراعية، مما يؤدى إلى خسائر فادحة فى المحاصيل، وتقليل الإنتاجية ويعانى المزارعون من قلة الوعى الزراعي، مما يؤدى إلى استخدامهم أساليب زراعية تقليدية وغير فعالة.
أما قطاع الثروة الحيوانية يعانى من مشاكل عديدة، مثل نقص الأعلاف، وانتشار الأمراض، وقلة الاستثمارات، مما يؤثر على إنتاج اللحوم والألبان. ويؤدى النمو السكانى السريع إلى زيادة الطلب على الغذاء، مما يضع ضغطا كبيرا على الموارد الزراعية. وللتغلب على هذه التحديات، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها:
تطوير البنية التحتية الزراعية، ودعم البحث العلمى والتطوير الزراعى المستمر.
والحقيقة أن مصر تشهد جهودا حثيثة من الحكومة والقطاع الخاص لتنمية الثروة الزراعية والحيوانية، وذلك بهدف تحقيق الأمن الغذائي، وزيادة الإنتاج، وتوفير فرص عمل، وتعزيز الاقتصاد القومي. وتتضمن هذه الجهود تقديم الدعم المالى والفنى للمزارعين، وتوفير التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة، وتحسين سلالات المحاصيل والحيوانات، وتطوير البنية التحتية الريفية، وتشجيع الاستثمار فى المشروعات الزراعية. كما يسعى القطاع الخاص إلى زيادة مساهمته فى هذا المجال من خلال إنشاء شركات زراعية، وتطوير سلاسل الإمداد، والتركيز على الزراعة العضوية والمنتجات ذات القيمة المضافة. وعلى الرغم من التحديات التى تواجه القطاع الزراعي، إلا أن هذه الجهود المشتركة تبعث على التفاؤل بمستقبل أفضل للزراعة فى مصر، وتحويل القرية المصرية إلى منتجة.
وللحديث بقية