كنت ممن يعتقدون أن الدور الأساسى للصحة المدرسية هو علاج من يمرض من الطلبة أو تطعيمهم ضد الأمراض لحمايتهم من بعض الأمراض المعدية.. ولكنى أدركت بعد مشاركتى فى منتدى الصحة المدرسية والذى عقد أوائل هذا الشهر فى القاهرة.. أن الصحة المدرسية بمفهومها الشامل حسب رؤية المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف واليونيسكو لها أبعاد ومحاور متعددة وهامة من أجل ضمان النشأة الصحية السليمة للإنسان وحمايته من الأمراض والمخاطر فى الحاضر والمستقبل.
المدرسة بالفعل لها دور محورى فى تثقيف الطلبة عن كل ما يهمهم من معلومات ومفاهيم تتعلق بأجسامهم وصحتهم.. وتنمية التوجهات والسلوكيات الصحية السليمة.. وأن تتوفر فيها كل عناصر البيئة الصحية الآمنة للحماية من الأمراض والإصابات.. فمن خلال المدارس نستطيع الوصول إلى أكثر من 95 ٪ من النشء والذين يقضون فيها فترات طويلة ولسنوات عديدة.
من هنا.. اهتمت كافة المنظمات العالمية ببرامج وسياسات الصحة المدرسية.. وقامت منظمة الصحة العالمية فى عام 1995 ببدء مبادرة الصحة المدرسية الفعالة بهدف دعم الأنشطة الصحية والتعليمية داخل المدارس على المستوى العالمى ومن أجل تحسين الأوضاع الصحية للطلبة والعاملين فى المدارس والمجتمع ككل وقامت المنظمة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف واليونيسكو والبنك الدولى بمبادرة «فريش» وهى اختصار لجملة انجليزى تعنى «تركيز الموارد من أجل صحة مدرسية فاعلة» عام 2000 عقب مؤتمر «التعليم للكل» والذى عقد فى داكار بالسنغال وحضره 168 دولة منها مصر التزمت جميعها بدعم برامج الصحة المدرسية فى مدارسها وقامت المنظمات الدولية بوضع معايير قياسية للمدارس المعززة للصحة وشجعت المجتمعات فى كافة أنحاء العالم على تطوير مدارسها للوصول إلى هذه المعايير من خلال برامج فعالة للصحة المدرسية.
ومنذ ذلك الحين.. والعالم كله.. بما فى ذلك غالبية الدول العربية.. يهتم بدعم أنشطة وبرامج الصحة المدرسية.. والتى ثبت أنها من أهم الاستثمارات ذات العائد الاقتصادى المجدى والتى تقوم بها المجتمعات لتحسين مستويات الصحة والتعليم فى آن واحد.
ومن الغريب.. أننى فهمت خلال الحوار فى المنتدى أن هذه المبادرة لم يتم تطبيقها على نطاق واسع لدينا.. وهذا شيء يثير الدهشة ويدعو إلى التساؤل عن السبب .. حزمة الخدمات التى يجب أن تقدمها برامج الصحة المدرسية والتى تتضمنها الأدلة والإرشادات من المنظمات العالمية هى التثقيف الصحى وتوفير البيئة الصحية والآمنة داخل المدارس وتشجيع النشاط البدنى وغرس الممارسات الغذائية السليمة بين الطلاب ورعاية السلامة النفسية والخدمات العلاجية والوقائية بجانب تعزيز صحة العاملين ومشاركة الأهل والمجتمع فى تعزيز هذه الأنشطة.
هذه الخدمات لابد وأن تقدم من خلال التعاون الوثيق بين وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم.. وهذا ما يحدث فى كل بلدان العالم.
قامت الجمعية المصرية لصحة الأسرة برئاسة الدكتور ممدوح وهبة بعقد منتدى الصحة المدرسية يوم ٣ فبراير فى القاهرة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسكو واليونيسف وتحت رعاية وزير الصحة والسكان ومشاركة وزارة الصحة والسكان ووزارة الشباب والرياضة ووزارة البيئة والمعهد العالى للصحة العامة بالاسكندرية والمعهد القومى للتغذية من أجل تسليط الضوء على مكونات برامج الصحة المدرسية الشاملة ومن أجل بحث السبل إلى دعم هذا البرنامج الحيوى لخدمة 23 مليون طالب وطالبة فى مدارسنا وهذه الأعداد متزايدة بالقطع على مر الأجيال.
ناقش المنتدى أربعة محاور هى التثقيف الصحى والبيئة الآمنة والصحية فى المدارس والنشاط البدنى والممارسات الغذائية السليمة.. حضر المنتدى 124 خبيرا من وزارة الصحة والسكان ووزارة الشباب والرياضة ووزارة البيئة والمعهد القومى للتغذية والمعهد العالى للصحة العامة بالاسكندرية وأساتذة الصحة العامة فى الجامعات وبعض من المعلمين والمعلمات ومنظمات الصحة العالمية والفاو وإنقاذ الطفولة والأمفنت وبلان الدولية والبرنامج العالمى للأغذية وعدد من الطلبة والطالبات من المدارس الحكومية وحضور مميز لباقة من الإعلاميين من كافة وسائل الإعلام.
صدر عن المنتدى :
> تضمين المناهج الدراسية معلومات التثقيف الصحى والمتضمنة فى الوثيقة التى أصدرتها وزارة التربية والتعليم من خلال مركز تطوير المناهج على مدار كافة السنوات الدراسية وقد يكون من الأفضل تخصيص منهج متكامل للتثقيف الصحى كمادة منفصلة فى كافة المراحل الدراسية.