مع اقتراب شهر رمضان يبدأ السباق الرمضانى للمسلسلات حيث اعلى نسبة مشاهدة للأعمال الدرامية
وتظل قضية التدخين واحدة من أهم القضايا الدرامية، فرغم التأكيد على خطورة الترويج دراميا للتدخين مازالت بعض الأعمال تتعمد ذلك بالمخالفة لكل الثوابت وكذلك
الاتفاقية التى وقعتها مصر مع منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ «FCTC»، عام 2005 والتى تهدف إلى حماية الأجيال الحالية والمستقبلية من الأضرار الصحية، والاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية المدمرة للتدخين ما جعل المنظمة تصدر بيانًا ترصد فيه الترويج للتدخين خلال الدراما التى تعرض مشاهد ممثلين وممثلات يستهلكون أنواعاً مختلفة من التبغ مؤكدة أن هناك إسرافا فى عرض مشاهد المدخنين دون أى مبرر، إضافة إلى عدم وجود تحذير على الشاشات من أضرار وأن هذه المشاهد ساهمت للأسف فى زيادة نسبة المدخنين.
أضافت أن هناك علاقة ثابته بين زيادة التدخين فى الدراما، وزيادة استهلاك الدخان بين الشباب، ولأنه لم يتبق سوى أيام تفصلنا عن الشهر الكريم حيث يبدأ سباق الدراما الرمضانية وأعلى نسب مشاهدة على مدار العام ومن أجل شعار،»دراما بلا تدخين» جاء هذا التحقيق مع النقاد وصناع الدراما والمتخصصين وتطرح «الجمهورية» تساؤل هل مشاهد التبغ ضرورة.
دراما المتحدة قدمت نموذجا فى الكثير من الأعمال التى ابتعدت عن التدخين تماما، بل جعلته فى منطقة المحظور، لكن مازالت بعض شركات الإنتاج الأخرى تصر على أن يكون التدخين بطل المشهد، بل وأحيانا المخدرات.
«فى البداية» يقول السيناريست محمد الباسوسي: المسئولية تقع على عاتق المخرج فى المقام الأول فقد اعتاد صناع السينما تقديم نمط محدد للمشاعر والانفعالات وتقديم المنفعل أنه يلجأ لإشعال سيجارة أو يذهب لأى بار لتناول الكحوليات للترويح عن نفسه وإخراج الكبت الكامن فيها كما أن مشاهد تعاطى المخدرات تقدم ممزوجة بشعور بالسعادة والنشوة على الرغم أنها من الزاوية الفنية تعتبر اصعب المشاهد لمدير التصوير لأن التدخين يفسد تكوين الاضاءة.
وقد تعلمنا بالسينما أننا يجب أن تكون هناك رؤية جمالية حتى فى تقديم القبح لذا من الممكن أن يستخدم المخرج إحدى انواع العدسات التى تشوه الرؤيه فتمنح احساس بعدم الراحة فيستطيع أن يوظف الحالة الدرامية لأى رسالة، فانا ضد مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات الا لو كان العمل نفسه عن المخدرات وبالتأكيد سيوصل العمل ككل رسالة ضد التعاطي.
يضيف أن الإعلام وحدة لا يستطيع التصدى فيجب أن يكون هناك مواجه على نطاق واسع وتحرك باستمرار تجاه صناع الدراما بشكل عام من خلال لقاءات وندوات فى النقابات الفنية المختلفة ويتم طرح القضية عبر متخصصين يوضحون مخاطرها وسلبياتها ومتى يتم تناولها فى العمل.
الفنانة نهال عنبر: تؤكد رفضها فى كل أعمالها تصوير مشاهد التدخين لأن النشء الصغير خاصة الشباب والأطفال يقلدون نجمهم المفضل ويأخذونه قدوة فى كل تصرفاتهم وحركاتهم وحتى همساتهم وبالتالى يتعلمون منه طريقة تناول السيجارة وكيفية اشعالها، والمواجهة لن تكون إلا بإصدار الدولة قوانين وعقوبات تمنع ظهور التدخين على الشاشة ولابد من تفعيل قوانين مكافحة التدخين التى أوصت بها منظمة الصحة العالمية حتى ترى أجيالاً شابة عفية تستطيع حمل مشاعر التنوير فى القادم بإذن الله تعالي
سلبيات فقط
يؤكد السيناريست مجدى صابر: إن الدراما تحاكى الواقع لكن ليس فى الدعاية للظواهر السلبية فمثلا إذا كان العمل عن سفاح هل ينفع تقديم مشاهد الدبح أو القتل بالتفصيل الا إذا كنت أرغب فى تعليم المشاهد كيف يكون قاتل وبالتالى مشاهد التدخين ما الضرورة الدرامية التى تجعلنى اقدم السيجارة فى عمل ما.
يضيف.. لقد قدمت بمسلسل للعدالة وجوه كثيرة صاحب المقهى الذى جسده الراحل حسين الامام وهو يرفض تقديم الشيشة ويكتب لافتة على بوابة المقهى ممنوع تقديم الشيشة فقد كانت رسالة توعية غير مباشرة فى عمل درامى ناجح، لذا التصدى لن يكون بالخطب فهو يرجع لضمير صناع الدراما من مخرج وسينارست ومنتج ومدى وعيهم بخطورة القضية.
يرى المخرج محمد فاضل خطورة تقديم مشاهد التدخين فى الاعمال الدرامية وخاصة ان هناك انواع كثيرة من وسائل التدخين ظهرت وهناك من يعتبرها من باب الوجاهة وهناك جاهل بخطورتها كما إن الدراما قوة ضاربة مؤثرة لأنها تدخل كل بيت عكس السينما والمسرح التى نذهب لهما.
يوضح إذا كانت الدراما تنقل الواقع لكنها يجب أن تعيد صياغة الواقع لصالح المجتمع وهذا رسالة الفن والفنان.
تأثير نفسي
تقول الدكتورة إيمان حامد أبوالمكارم استشارى الصحة النفسية: أن السلوك السلبى أسهل فى اكتسابه من السلوك الإيجابى فالنزول اسهل من الصعود فدائمًا اكتساب الإيجابى يكون ضد رغبات النفس فيحتاج إلى مقاومة نفسية وللظروف واحيانا للبيئة المحيطة.. لذا يجب أن يعى صانع العمل أن اى سلوك سلبى يقوم به الفنان يكون له صدى كبير وقدرة على التقليد عند المشاهد.. وخاصة المراهق والطفل فالشخص البالغ المدخن سيذكره المشهد بضرورة تناول سيجارة الآن لذا نجد أن المشاهد إذا كان بالسينما ينتظر فترة استراحة الفيلم أول شئ سيقوم بأشعاله هو سيجارة بينما الطفل والمراهق سيتعلم طريقة تعاطى التبغ أو المخدرات وسيرتبط فى ذهنه أن التدخين مرتبط بالتركيز والشعور بالراحة وأنها وسيلة للتخلص من الضغط العصبي.
مفاهيم مغلوطة
يقول الدكتور عمرو عثمان رئيس صندوق مكافحة وعلاج الادمان: ان المرصد الإعلامى للصندوق قام بعمل دراسة عن تحليل التناول الدرامى للتدخين وتعاطى المخدرات فى الفترة السابقة كان الهدف منه مدى تحقيق التوازن الدرامى بين عرض مشاهد التدخين والمخدرات وعرض تداعيات وتحليل صورة المعالجة الدرامية للشخص المدخن أو المتعاطى ومدى مساهمة الدراما فى رفع الوصمة الاجتماعية عنه أو ترسيخها كما رصدت الدراسة الانماط السلوكية الداعمة للتدخين والتعاطى والمفاهيم المغلوطة التى تقدمها الدراما وتحليل دور الأسرة سلبًا وإيجابًا لدعم مريض كما رصدت انواع التبغ والقوالب الفنية والدرامية المختلفة التى ظهرت فيها.
أوضح أن الدراسة اظهرت زيادة أعداد الاعمال التى عرضت مشاهد التدخين رمضان الماضى عن الثمانى سنوات الماضية وكانت أكثرها التى احتوت على ذلك مسلسلات العتاولة وهناك اعمال قدمت القضية لكنها عرضت اسباب الوقوع فى المشكلة وتداعيات الفرد واسرته والمجتمع مثل حق عرب وصلة رحم وكامل العدد +١ والمعلم.
بينما عرض مسلسل «بدون انذار» رسائل توعية عن اضرار التدخين على الفرد وأسرته و كان بيت الافاعى ونعمة الافوكاتو أقل احتواء على مشاهد التعاطي.. اما مسلسل «المداح « فكان أكثرها فى عدم تقديم مشاهد التدخين وتعاطى المواد المخدرة على مدار اربع مواسم متتالية وكذلك مسلسل الكبير أوي.
كما اوضحت الدراسة الاعمال الخالية من مشاهد التدخين وهى الكبير أوى وخالد نور وولده نور خالد وجرى الوحوش وعتبات البهجة وفراولة ومليحة وباباجه ورحيل ولانش بوكس واشغال شقة وبقينا اثنين.
كما اظهرت الدراسة ان ٧٧٪من مشاهد التدخين تعاطى فيها البطل الدرامى السجائر و14٪ كانت شيشة و10٪ سيجار و٣٪ سيجار وشيشة الكترونية و٨٪ بايب.. اما عن اسباب تناول التبغ فقد بلغ ٣٣٪ من تلك المشاهد بهدف التركيز بينما 21٪ بسبب العصبية و19٪ للشعور بالقلق و16٪ للاستمتاع و٩٪ للحزن و٨٪ سببه الشعور بالسعادة.
اما المعتقدات الخاطئة حول سلوك التدخين فترواحت بين انه سلوك اعتيادى ونسيان الهموم وخفة الظل والمساعدة على التركيز، كما ان هناك سلبيات اخرى طرحتها تلك المشاهد وهى تدخين الاناث بنسبه 12٪ منها بينما النسبة فى الواقع تتمثل فى 1.5٪ كما انهم قاموا بالترويج لانماط حديثة من التدخين مثل التسخين والسيجارة الإلكترونية والتبخير