لم يعد خافياً على أحد حجم المؤامرات غير المسبوقة التى تتعرض لها مصر منذ 10 سنوات ماضية، وتطورخلالها اللعب حتى أصبح حاليا على المكشوف، وأتصور أن ما خفى كان أعظم، لأن كل المؤشرات تؤكد استماتة الصهيونية العالمية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا فى فرض مخططاتها للمنطقة وتحقيق أهدافهم الخبيثة التى لم ينجحوا فى تحقيق أى منها اللهم قتل وإبادة الآلاف من المدنيين العُزل الأبرياء فى قطاع غزة، والمثير للدهشة أن تتعامى أبصار البعض عن إحداثيات شديدة الخطورة فى المنطقة التى نعيش فيها والتى تحولت إلى مسرح عمليات كبير لكل جيوش العالم وأجهزة استخباراته.
وفى المقابل فإن الواقع يؤكد أن الحصار الاقتصادى أو الحرب الاقتصادية الشيطانية التى مازالت تحاك ضد مصر تعد من تبعات أو إحدِى آليات الضغط التى يتم ترتيبها ونسجها بإحكام مطلق من دول أهل الشر المعادية بمعاونة من أذنابهم فى الداخل، والتى أتصور أنها سوف تنشط خلال الفترة المقبلة خاصة بعد الموقف المصرى القوى فى رفض اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء بشكل مؤقت أو طويل الأمد وتمسك وزارة الخارجية المصرية بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ورهانهم الأول الذى لا يملوا منه فى تنشيط الحرب الاقتصادية فى الفترة القادمة هو عدم تحمل المصريين أو عدم صمودهم واستسلامهم أمام الأزمات الصعبة إلى الدرجة التى تجعلهم يضغطون فيها على القيادة السياسية لقبول المؤامرة الكبرى المتمثلة فى «صفقة القرن» وتصفية القضية الفلسطينية، وأما رهانهم الثانى فهو عدم وعى وإدراك البعض لما يتم تخطيطه من دمار شامل للمنطقة وفى القلب منها مصر، وبالتالى تتعالى صيحات اللوم وتوجيه تهم الفشل والتقصير للحكومة ووضعها تحت ضغط فقدان الظهير الشعبى.
ومن أجل ذلك أتصور أنكم سوف تلاحظون ظهوراً ونشاطاً لبعض الوجوه القديمة وخلايا الإخوان النائمة يروجون للأكاذيب والإفتراءات لإثارة المصريين وتضليلهم بدعم من بعض المواقع المشبوهة أو المدعومة من مموليهم، بالإضافة إلى لجانهم الإلكترونية المأجورة والمشبوهة على كل وسائل التواصل الاجتماعى لتعبئة المشاعر السلبية ونشر الذعر والقلق والتخويف بين المصريين، ونسى هؤلاء أن صوت جموع المصريين سيظل شاهداً على أن إرادة المصريين تفرض نفسها بقوة لا تعرف الضعف، والشعب المصرى لم يعرف الخوف طريقا له يوما ما، والجيش المصرى من قلب الشعب ويبحث دوماً عن إحدى الحسنيين «النصر أو الشهادة».
الحقيقة أن نجاح مصر فى إفشال خطة تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وكذلك عدم التورط من قريب أو بعيد فى أى حروب مفخخة تدمر اقتصادها ودون التفريط فى أى حق من حقوقها، سوف يكون أحد دوافعهم ومبرراتهم لتنشيط الحرب الموازية وهى «الحرب الاقتصادية» التى يمكن أن توصف بالشرسة بكل شكل وطريقة ممكنة حتى لو كانت تداعياتها ستطول العالم كله، ويقينى أن الله سوف ينصر مصر لأن تأُثير هذه الحرب سوف يطال دولاً كبرى أخرى بشكل سيىء وهو ما سوف يجبرهم على إنهاء هذا الوضع بإذن الله.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. مشهد الفلسطينيين فى طريق عودتهم إلى ديارهم التى أصبحت انقاضاً بلا أى معالم فى شمال غزة سيرا على الأقدام لمسافات من الكيلو مترات يعد لطمة موجعة على وجه كل من يخططون لتهجيره، ومن يُشاهد مظاهر الفرح والسعادة والفخر على وجوههم يعلم جيدًا أن هذا الشعب لن يضحى بذرة من تراب أرضه، بعدما أثبت للعالم أجمع أنه صاحب قضية وصاحب حق ويموت وتبقى أرضه مُحررة.