مضى أسبوع من التصعيد السياسى والعسكرى فى أكبر حربين تدور رحاهما فى العالم اليوم.. غزة وأوكرانيا.
وهو تصعيد لن ينتهى بنهاية الأسبوع، بل ستكون له توابع تلقى بظلالها على أحداث الأسابيع القادمة.
الرئيس الأمريكى بايدن كان صاحب ضربة البداية، بمشهد من المشاهد المعتادة التى يكرر فيها تقديم دروس السياسة الأمريكية لنا، فيما يتعلق بتعاملها مع المنطقة، وما تقدمه ــ فى المقابل ــ لإسرائيل التى تتمرد حكومتها على الرئيس الأمريكى كل يوم.
عرب الشرق الأوسط مثل كل العالم غاضبون من التأييد الأمريكى غير المحدود لإسرائيل فى حربها الهمجية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، ويعبرون عن غضبهم بأدب جم، بالطرق الدبلوماسية والسياسية.
وهذا الغضب يمتد إلى الداخل الأمريكي، وفيه جالية عربية كبيرة بالملايين، يحتاج الرئيس الأمريكى إلى أصواتها فى الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر القادم، فى مواجهة خصمه الجمهورى القوى الرئيس السابق ترامب.
إذن.. للرئيس الأمريكى مصلحة مباشرة فى التصرف لإزالة أسباب هذا الغضب، واسترضاء الناخبين العرب، ولو مضطراً، أن تنتهى الانتخابات.
فى المقابل، إسرائيل ممثلة فى حكومتها الأكثر تطرفاً وعدوانية فى تاريخها برئاسة «نتنياهو» غاضبة من محاولات الرئيس الأمريكى فى الفترة الأخيرة، الابتعاد ــ ولو ظاهرياً أو شكلياً ــ عن بعض مواقف وأفعال هذه الحكومة ولو بخطوة واحدة والتنصل من المسئولية من بعض ممارساتها الإجرامية وغير الإنسانية فى غزة، رغم حرصه فى كل مناسبة على تأكيد ثوابت التحالف الأمريكى – الإسرائيلى التى لا تتزعزع.
الغضب الإسرائيلى يمتد إلى الداخل الأمريكى وفيه اكثر من ستة ملايين يهودى يحتاج الرئيس الأمريكى أصواتهم فى الانتخابات.
ماذا يفعل الرئيس الامريكى فى هذا الموقف؟!
جامل العرب الأمريكيين ببيان إنشائى أصدره البيت الأبيض يقول فيه: علينا التفكير فى الألم الذى يشعر به الأمريكيون العرب بسبب الحرب فى غزة، وأنه ينتابه شعور بالحزن الشديد بسبب هذه المعاناة، ويعمل على تعزيز المساعدات الانسانية لغزة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، والتوصل لوقف فورى لإطلاق النار يستمر ستة أسابيع.
الرجل ــ كتر خيره ــ يكلف نفسه مشقة «التفكير» فى الألم الذى يشعر به مواطنوه العرب.. ويبذل جهوده لتعزيزالمساعدات الإنسانية لغزة، والتى ترفض إسرائيل أصلاً ادخالها.. وإطلاق سراح المحتجزين «الإسرائيليين لدى حماس وليس آلاف الاسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.. والتوصل لوقف إطلاق نار مؤقت وليس انهاء الحرب».
مع إسرائيل.. الأمر يختلف.
لقد وقع قراراً بالموافقة على امدادها بخمس وعشرين طائرة حربية بقيمة مليارين ونصف المليار دولار ومئات القنابل الثقيلة لتقتل ما تبقى على قيد الحياة من عرب غزة الفلسطينيين.
وهذا تصعيد خطير، فى وقت يهدد نتنياهو كل يوم بقرب إطلاق عمليته العسكرية لاجتياح مدينة رفح.
انتهى الدرس..
ولم يكد يمضى يوم على ضربة البداية، حتى شنت إسرائيل غارتها على مبنى القنصلية الإيرانية فى العاصمة السورية ــ دمشق ــ لتقتل اثنين من قادة الحرس الثورى الإيرانى وعدداً آخر ممن كانوا فى المبني.
وقيل إن القائدين الإيرانيين كانا يجتمعان بأحد قيادات تنظيم الجهاد الإسلامى فى المبني.
وكان قد سبق ذلك لقاء فى طهران بين قيادات حركتى حماس والجهاد، والمرشد الأعلى فى إيران «آية الله خامنئي».
وهذا تصعيد جديد، توعدت القيادة الإيرانية بالرد عليه، ويهدد بتوسيع رقعة الصراع العسكرى فى المنطقة لأن لكل فعل رد فعل، أو ردود فعل.
أما آخر التصعيد ففى ساحة الحرب الروسية فى أوكرانيا.
وأوضح أن روسيا منذ احتفالها بمرور عامين على بدء حربها فى أوكرانيا فى فبراير 2022، وهى تسرع من وتيرة نشاطها العسكرى فى أوكرانيا، وتحقق مكاسب استراتيجية.
وأن أوكرانيا أصبحت مهددة بفقد مساحات من الأرض اضافية فوق ما فقدته بالفعل منذ بداية العملية العسكرية الروسية ضدها.
ولأن المساعدات الغربية لأوكرانيا لم تعد كافية، وخوفاً من أن تحسم روسيا الحرب لصالحها، فقد بدأ الغرب التركيز على الداخل الروسى بصورة كبيرة لزعزعة استقراره، خاصة بعد الفوز الساحق للرئيس بوتين فى الانتخابات الرئاسية
وكانت جريمة «كروكوس» الارهابية التى استهدفت قاعة للاحتفالات فى موسكو وسقط فيها مائة وخمسون قتيلا ومثلهم من المصابين هى ضربة البداية.
والملابسات التى أحاطت بالجريمة تكشف بوضوح عن من وراءها. لكن التحقيقات مازالت مستمرة.
وأمس الأول ضبط الأمن الروسى شحنة متفجرات كانت على وشك الدخول للأراضى الروسية قادمة عبر دول أعضاء فى الاتحاد الأوروبي.
والكل حول أوكرانيا يقف على أطراف أصابعه تحسبا لمواجهة محتملة بين روسيا وحلف الاطلنطى الناتو.
من أجندة الأسبوع
>> إسبانيا تستعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية.. أعلنت حكومتها ذلك، وقالت إن هناك تيارا داخل الاتحاد الأوروبى يساند هذه الخطوة.. جنوب أفريقيا سبقت الكل بتقديم دعواها لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فى حق الشعب الفلسطينى فى غزة.. كندا تبحث وقف تصدير السلاح لإسرائيل.. دول آسيوية ولاتينية تتداخل مع جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية.. دول أوروبية منعت دخول منتجات من المستوطنات الإسرائيلية.
السفير حسام زكي، المتحدث الرسمى باسم الجامعة العربية أعلن أمس الأول أن الجامعة «متمسكة» بـ «الكفاح الدبلوماسى والقضائى والسياسي» من أجل تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.